فِي الضَّمَان بِالْعقدِ وَلَا تحمله الذِّمَّة كَمَا مر، وَعَلِيهِ فَإِذا حازه الْمصير إِلَيْهِ بعد ذَلِك التَّأْخِير الْحَاصِل من غير شَرط لم يفْسخ وَيجْبر الآبي على حيازته، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَن العقد وَقع على الصِّحَّة أَي على أَن يقبضهُ الْآن، وَالْعقد الْوَاقِع على الصِّحَّة لَا يفْسخ بِمَا طَرَأَ عَلَيْهِ كَمَا قَالُوهُ فِي مُسَاقَاة الْحَائِط الْغَائِب أَنه يشْتَرط أَن يصله الْعَامِل قبل طيبه، وَأَنه إِن ترَاخى فوصله بعد طيبه لم تفْسد، فَالَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَاده أَو يجب عدم الْفَسْخ فِيمَا إِذا حصل التَّأْخِير من غير شَرط، وَلِهَذَا قَالَ الْبُرْزُليّ فِي نَوَازِل الْإِقْرَار: إِذا صير الْإِنْسَان لامْرَأَته فِي كالئها أَو فِي دين يعلم سَببه نصف دَاره وَسكن مَعهَا إِلَى أَن مَاتَ فَهُوَ تصيير جَائِز إِذا لم يشْتَرط عَلَيْهَا السُّكْنَى فِيهَا، وَقيل مَرْدُود وَالْأول أظهر اه. وَقَالَ ابْن سراج كَمَا فِي (ق) : إِذا خدم مَعَك من لَك عَلَيْهِ دين بِغَيْر شَرط فَإِنَّهُ يجوز لَك أَن تقاصه عِنْد الْفَرَاغ من الَّذِي عَلَيْهِ، وَبِهَذَا أفتى ابْن رشد لظُهُوره عِنْده إِذْ مَا كَانَ يخفى عَلَيْهِ قَول ابْن الْقَاسِم اه. فَقَوله لظُهُوره عِنْده صَرِيح فِي أَنه اعْتمد فِي فتواه قَول أَشهب، فَيكون ابْن الْقَاسِم على هَذَا لَا يُجِيز الْمُقَاصَّة وَلَو بعد الْفَرَاغ لِأَنَّهُ عِنْده عقد فَاسد لاتهامهما على تصيير الْخدمَة الْمُتَأَخِّرَة عِنْد الِاسْتِيفَاء فِي الدّين فَلَا يصدقان فِي عدم الْقَصْد وَالشّرط، وَإِذا فسد العقد عِنْده فَيرجع الْعَامِل بِأُجْرَة مثله ويتحاسبان لِأَن مذْهبه أَن التَّأْخِير الْيَسِير مَمْنُوع، وَقَول الشَّيْخ بناني مُعْتَرضًا على الشَّيْخ (ز) مَا أفتى بِهِ ابْن رشد من الْمُقَاصَّة مُوَافق لِابْنِ الْقَاسِم لَا مُخَالف لَهُ فِيهِ نظر كَمَا ترى وَبعد كتبي مَا تقدم عَن المعيار والمدونة وقفت على مثله لأبي الْعَبَّاس الملوي فِي تحريره، فَالْحَمْد لله على الْمُوَافقَة. تَنْبِيهَات. الأول: إِذا شهِدت بَيِّنَة بحوز الْمصير لَهُ شهرا ثمَّ رَجَعَ إِلَى يَد الْمصير بعد ذَلِك لم يبطل التصيير قَالَ ناظم الْعَمَل: وللحيازة افْتقر التصيير وحوزه شهر وَذَاكَ تَكْثِير وَأما إِن شهِدت إِحْدَاهمَا بحوز الْمصير لَهُ ونزوله فِي الدَّار بالمعاينة أَو الِاعْتِرَاف وَلم تشهد باستمرار الْحِيَازَة شهرا أَو شهِدت الْأُخْرَى بِأَنَّهُ لم يزل بيد الْمصير وَأَنه لم يخرج من يَده أصلا فَإِن الشَّهَادَة بِعَدَمِ خُرُوجه من يَده تقدم لِأَنَّهَا أَثْبَتَت اسْتِمْرَار عدم الْحِيَازَة وَالْأُخْرَى لم تتعرض للاستمرار، فَيمكن أَن يكون رَجَعَ ليده بعد مُعَاينَة الْحَوْز قبل مُضِيّ الشَّهْر، وَقد بَينا ذَلِك فِي حَاشِيَة اللامية، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ من الْخلاف فِي أَوَائِل الْحَبْس إِن شَاءَ الله الثَّانِي: إِذا لم تقع حِيَازَة فِي التصيير حَتَّى مَاتَ الْمصير فحازه الْمصير لَهُ بعد مَوته وَبَاعه فَقَامَ وَارِث الْمصير على المُشْتَرِي محتجاً بِفساد التصيير، فالجاري على مَا بِهِ الْعَمَل أَنه بيع فَاسد وَهُوَ يفوت بِالْبيعِ الصَّحِيح لِأَن الْفساد حصل بِمُجَرَّد التَّأْخِير سَوَاء وَقع الْقَبْض فِي حَيَاة الْمصير أَو بعد مَوته كَمَا هُوَ ظَاهر من كَلَام سَيِّدي مِصْبَاح الْمُتَقَدّم وَغَيره، وفتوى بَعضهم بِنَقْض البيع فِيهِ لِأَن قَبضه بعد الْمَوْت كَالْعدمِ فبيعه بعده تصرف فِي ملك الْغَيْر الخ. غير سديد لِأَن هَذَا إِنَّمَا يتم لَو كَانَ التصيير مَحْض هبة، وَقد علمت أَنه مُعَاوضَة بِاتِّفَاق، وَلَكِن تَأْخِير الْقَبْض فِيهِ يصيره مُعَاوضَة فَاسِدَة على الْمَعْمُول بِهِ يجْرِي على حكمهَا، لَكِن كَانَ الْقيَاس أَنه يمْضِي مَعَ الْفَوات بِالثّمن لِأَنَّهُ بيع مُخْتَلف فِيهِ لَا بِالْقيمَةِ كَمَا قَالَ سَيِّدي مِصْبَاح إِلَّا أَن يُقَال مَا فِي (خَ) من مُضِيّ الْمُخْتَلف فِيهِ بِالثّمن قَاعِدَة أغلبية فَقَط لأَنهم أوردوا على مُضِيّ الْمُخْتَلف فِيهِ بِالثّمن مسَائِل قَالَه الملوي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute