(لَكِن بِهِ) أَي باللزوم (بعد الشُّرُوع يحكم) على الْجَاعِل فَقَط، وَهُوَ باذل الْعِوَض فالمجرور والظرف متعلقان بيحكم، وَأما المجعول فَلهُ التّرْك وَلَو بعد الشُّرُوع أَو الْعَمَل الْكثير، وَلَا يلْزمه الْإِتْمَام بِحَال (خَ) : ولزمت الْجَاعِل بِالشُّرُوعِ. وَاعْلَم أَن الْجعَالَة تفارق الْإِجَارَة من وُجُوه، فَمِنْهَا أَن ضرب الْأَجَل يُفْسِدهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ النَّاظِم فِيمَا يَأْتِي بقوله: وَلَا يحد بِزَمَان لَاحق الخ. أَي: لَا يُؤَجل بِأَجل إِلَّا أَن يشْتَرط المجعول التّرْك مَتى شَاءَ بِخِلَاف الْإِجَارَة فَلَا تصح بِدُونِ أجل، وَمِنْهَا أَنَّهَا عقد غير لَازم كَمَا قَالَ النَّاظِم هَهُنَا فَهُوَ كالقراض وَالتَّوْكِيل والتحكيم بِخِلَاف الْإِجَارَة، فَإِنَّهَا تلْزم بِالْعقدِ، وَقد نظم ابْن غَازِي مَا يلْزم بِالْعقدِ وَمَا لَا يلْزم بِهِ وَمَا فِيهِ خلاف هَل يلْزم بِهِ أم لَا فَقَالَ: أَرْبَعَة بالْقَوْل عقدهَا فرا بيع نِكَاح وسقاء وكرا لَا الْجعل والقراض وَالتَّوْكِيل وَالْحكم بِالْفِعْلِ بهَا كَفِيل لَكِن فِي الْغِرَاس والمزارعه والشركات بَينهم منازعه وفرا آخر الشّطْر الأول بِالْفَاءِ بِمَعْنى قطع، وَمِنْه فرى الْأَوْدَاج أَي قطعهَا، وَالْوَجْه الثَّالِث الَّذِي يُخَالف فِيهِ الْجعل الْإِجَارَة أَنه لَا شَيْء لَهُ إِلَّا بِتمَام الْعَمَل كَمَا قَالَ: وَلَيْسَ يَسْتَحِقُّ مِمَّا يُجْعَلُ شَيْئاً سِوَى إذَا يَتِمُّ العَمَلُ (وَلَيْسَ يسْتَحق) المجعول (مِمَّا) أَي الْجعل الَّذِي (يَجْعَل) لَهُ (شَيْئا) مفعول يسْتَحق (سوى إِذا يتم الْعَمَل) فَإِن لم يتمه فَلَا شَيْء لَهُ بِخِلَاف الْإِجَارَة فَإِن لَهُ فِيهَا بِحِسَاب مَا عمل (خَ) : صِحَة الْجعل بِالْتِزَام أهل الْإِجَارَة جعلا يسْتَحقّهُ السَّامع بالتمام ككراء السفن إِلَّا أَن يسْتَأْجر على التَّمام فنسبة الثَّانِي الخ. أَي مَحل كَونه لَا شَيْء لَهُ إِذا لم يتمه الْجَاعِل بِنَفسِهِ أَو عبيده أَو يسْتَأْجر عَلَيْهِ وإلَاّ فَلهُ فبنسبة الثَّانِي فَإِذا جاعله على الْإِتْيَان بخشبة إِلَى مَوضِع كَذَا بِخَمْسَة دَرَاهِم مثلا فحملها نصف الطَّرِيق وَتركهَا فَلَا شَيْء لَهُ، فَإِذا جَاعل صَاحبهَا شخصا آخر على بَقِيَّة الطَّرِيق بِعشْرَة فَإِنَّمَا يكون للْأولِ عشرَة لِأَنَّهَا الَّتِي تنوب فعله من عمل الثَّانِي لِأَن الثَّانِي لما اُسْتُؤْجِرَ نصف الطَّرِيق بِعشْرَة علم أَن قيمَة الْإِتْيَان بهَا فِي الطَّرِيق كلهَا يَوْم اُسْتُؤْجِرَ عشرُون، وَلَو حملهَا الأول ربع الطَّرِيق وَتركهَا وَحملهَا الثَّانِي بَقِيَّة الطَّرِيق بِعشْرَة أَيْضا كَانَ للْأولِ ثَلَاثَة وَثلث لِأَن الثَّانِي حمل كل ربع من الثَّلَاثَة الأرباع بِثَلَاثَة وَثلث، وَقس على ذَلِك لَو حملهَا الأول ثَلَاثَة أَربَاع الطَّرِيق وَنَحْو ذَلِك والحفر فِي الْبِئْر مثل الْخَشَبَة وَإِذا حملهَا بَقِيَّة الطَّرِيق بِنَفسِهِ أَو عَبده يُقَال مَا قيمَة ذَلِك أَن لَو جوعل أَو اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ. ابْن رشد: وَشبه هَذَا الدَّلال يَجْعَل لَهُ الْجعل على شَيْء فيسوقه ثمَّ يَبِيعهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute