للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العرب، كان من بني عذرة، فاستهوته الجن، فلبث فيهم زمانا، ثم رجع إلى قومه، وأخذ يحدثهم بالأعاجيب التي رآها، فضرب به المثل.

وزعم بعضهم أن خرافة مشتق من اختراف الثمر، أي استطرافه.

وكذلك قولهم: جاء فلان بالترهات وهذه ترهات البسابس: جمع بسبس، وهو الصحراء الواسعة التي لا شيء فيها، يقال لها بسبس، وسبسب، بمعنى واحد. هذا أصل الكلمة، ثم يقال لكل من جاء بكلام محال: أخذ في ترهات البسابس وجاء بالترهات ومعنى المثل: أنه أخذ في غير القص، وسلك الطريق الذي لا ينتفع به كقولهم: ركب بنيات الطريق فأخذ يتعلل بالأباطيل.

وقال قوم: التاء في ترهات مبدلة من واو من الوره، والوره، لغتان، وهو الحمق، يقال: رجل أوره، وامرأة ورهاء، كأنه جاء بالحماقات وما لا ينتفع به.

ويقولون: ندمت ندامة الكسعى.

أصل المثل أن الكسعى كان رجلا من بني كسعة، واسمه محارب بن قيس، وكان يرعى إبلا له، فرأي يوما نبعة في صخرة، فأعجبته فقال: ينبغي أن تكون هذه قوسا، فجعل يتعهدها حتى أدركت، فقطعها واتخذ منها قوسا، ثم دهنها وأصلحا بوتر، ثم عمد إلى ما كان من برايتها فجعل منه خمسة أسهم، ثم خرج حتى أتى قترة على موارد حمر، وكمن فيها. فمر قطيع منها، فرمى منه عيرا وأمخطه السهم أي جازه وأصاب الجبل فأورى نارا، فظن أنه أخطأه. وصنع في ذلك أبياتا. ثم مر به قطيع آخر فصنع صنيعة الأول.

حتى فعل ذلك في الخمسة الأسهم. فلما رأي آخر سهم منهن أنشأ يقول:

أبعد خمس قد حفظت عدها ... أحمل قوسي وأريد ردها

أخزى الإله لينها وشدها ... والله لا تسلم عندي بعدها

<<  <   >  >>