والثاني: ما ذهب إليه هشام من أنه لما لم يعطف على ما قبله لم يدخله الرفع، ولا الجزم؛ إذ ما قبله لا يخلو من أحد هذين، ولما لم يستأنف بطل الرفع أيضًا، فلما لم يستقم رفعه، ولا جزمه لانتفاء (موجبيهما) لم يبق له إلا النصب. انتهى.
وعلى مذهب البصريين أحكام المسائل في هذه الحروف الثلاثة، والتفريع بالفاء يكون جوابًا لصريح الأمر نحو: اضرب زيدًا فيستقيم لا نعلم خلافًا في جواز ذلك إلا ما نقل «عن العلاء بن سيابة» قالوا: وهو معلم الفراء: أنه كان لا يجيز ذلك، وهو محجوج بثبوته عنا لعرب، فإن دل على الأمر يخبر نحو: اتقي الله امرؤ فعل خيرًا، فيثاب عليه، أو اسم فعل ففي النصب خلاف، أجاز الكسائي: حسبك من الحديث فينام الناس، وصه فأحدثك، ونزال فتنزل، وأجاز ابن جني، وتبعه ابن عصفور ذلك فيما كان مشتقًا من المصدر نحو: نزال، وفي الترشيح: في كلامهم أسماء فيها معنى الأمر، فيكون جوابًا مثله، وذلك حسبك، وشرعك، وكفيك تقول: شرعك فتتكلم، وحسبك فتفهم، وكفيك فتنام، وإن شئت رفعت على القطع، وكذا رويد، وصه، ومه، وعليك، ودونك، وطال بقاؤك فتسر، ويجوز رفعه عطفًا على موضع طال، لأنه في معنى مرفوع أو على القطع: لا تزال بخير فتسر، ويجوز الرفع على القطع لا على العطف: لا زلت تسر فتسر يصلح في كل وجه تقدم. انتهى.