للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو جعفر:

وقال آخرون: معنى ذلك سنعذبهم عذابًا فى الدنيا، وعذابًا فى الآخرة. حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، ثنا سعيد، عن قتادة {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} عذاب الدنيا، وعذاب القبر، {ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} ذكر لنا أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أسر الى حذيفة باثنى عشر رجلا من المنافقين، فقال: ستة منهم، تكفيهم الديبلة {سراج من نار جهنم}، يآخذ فى كتف أحدهم، حتى يفضى الى صدره وستة يموتون موتا، ذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه كان إذا مات رجل يرى أنه منهم، نظر الى حذيفة، فإن صلى عليه، صلى عليه، وإلا تركه. وذكر لنا أن عمر قال لحذيفة: أنشدك اللَّه أمنهم أنا؟ قال: لا واللَّه، ولا أؤمن منها أحدا بعدك (١).


(١) تفسير ابن جرير الطبرى (١٠ - ١١/ ١١).
قلت: إن هذا الأثر مرسل بإسناد صحيح الى قتادة. وقد أخرج مسلم فى صحيحه. بعض أجزاء هذا الأثر فى المنافقين انظر صحيح مسلم (١٢٢/ ٨) وهذه الرواية أوردها ابن كثير فى تفسيره (٢٣٢/ ٤) مع البغوى وقال السيوطى فى الدر المنثور (٢٧١ - ٢٧٢/ ٣) أخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ والبيهقى فى عذاب القبر عن قتادة ثم ذكر الأثر. انظر تفسير القرطبى (٢٤١/ ٨) وفتح البيان (١٩٠ - ١٩١/ ٤) وروح المعانى للألوسى (١١ - ١٢/ ١١) فإنه عدد الروايات كلها وذكر رواية قتادة المذكورة عند ابن جرير الطبرى.
قلت: يظهر لى واللَّه تعالى أعلم أن قول قتادة وجيه لأنه عام فى الدنيا والآخرة وهم عذبوا فى الدنيا بأنواع العذاب كما لا يخفى وسوف يعذبون بعذاب الآخرة بأنواعه المختلفة، وكذلك عذبوا فى القبر وهذا داخل فى عذاب الآخرة، واللَّه تعالى أعلم.

<<  <   >  >>