للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدل على صحة هذا القول أن رِواية أبي إسحاق المستلمي، ورِواية أبي محمد السَّرْخَسي، ورِواية أبي الهيثم الكُشْمِيهَني، ورِواية أبي زيد المَرْوَزيّ - وقد نسخوا من أصل واحد - فيها التقديم والتأخير، وإنما ذلك بحسب ما قدر كل واحد منهم في ما كان في طرة أو رقعة مضافة أنه من موضعٍ ما فأضافه إليه، ويبين ذلك أنك تجد ترجمتين أو أكثر من ذلك متصلة ليس بينهما أحاديث.

وإني أوردت هذا لما عُني به أهل بلدنا من طلب معنى يجمع بين الترجمة والحديث الذي يليها، وتكلفهم - في تعسف - التأويلَ ما لا يسوغ اهـ (١).

ويقول ابن حجر معلقًا على ذلك: وهذه قاعدة حسنة يفزع إليها حيث يتعسر وجه الجمع بين الترجمة والحديث، وهي مواضع قليلة جدًّا ستظهر كما سيأتي إن شاء الله تعالى اهـ (٢).

وقال ابن رشيد: وإنما وقع للبخاري رضي الله عنه هذا - أي ترك أماكن مبيضة من الكتاب - لما كان عليه من النفوذ في غوامض المعاني والخلوص من مبهماتها والغوص في بحارها والاقتناص لشواردها، وكان لا يرضى إلا بدرة الغائص وطيبة القانص، فكان رضي الله عنه يتأنى ويقف وقوف تخير لا تحير؛ لازدحام المعاني والألفاظ في قلبه ولسانه، فحم له الحِمام ولم تمهله الأيام اهـ (٣).

وهذه الرِّواية أشهرها الإمام الحافظ أبو ذر عبد بن أحمد مع قرينيه


(١) «التعديل والتجريح» ١/ ٣١٠ - ٣١١.
(٢) «هدى الساري» ص: ٨.
(٣) «إفادة النصيح» ص: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>