للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني:

نسخة أبي علي الصَّدفي (٤٥٤ - ٥١٤) هـ (١)

تمهيد:

يعتبر الإمام الصَّدفي علمًا من أعلام رواة الحديث وحفاظه في العصور الأولى للإسلام، فإنك لا تكاد تجد مؤلفًا أو مؤرخًا أرخ أو ألف بعد وفاته إلا وقد نال حظًّا من ذكر أخباره وتراجمه.

ولعل أشمل تعريف وأوفاه بالحافظ أبي علي الصَّدفي هو ما قام به عَلَمان عظيمان من أعلام التاريخ والحديث، وهذان العَلَمان هما:

القاضي عِياض المتوفى سنة (٥٤٤ هـ)، الذي خصه بكتابه «المعجم» ضَمَّنه أخباره وأخبار شيوخه الذين بلغوا نحوًا من مائتي شيخ (٢).

والآخر هو المحدِّث العلامة محمد بن عبد الله أبي بكر القضاعي، المعروف بابن الأبار المتوفى سنة (٦٥٨ هـ)، حيث خصه بنوع آخر يكمل عمل القاضي عِياض، تناول فيه ذكر تلامذة الحافظ الصَّدفي.

ويتضح من صنيع هذين الإمامين تلك المكانة العالية التي كان يتبوأ بها أبو علي الصَّدفي.

وإذا كانت الأقدار لم تُوفِّق العلماء إلى العثور على معجم القاضي عِياض - حيث قد عُني به كثير منهم وتقفوا آثاره، ولكن لم يعرف له ذكر حتى الآن - فإنها لحسن الحظ قد وضعت بين أيدينا المعجم الحافل الذي عني بجمعه ابن الأبار حيث خرج للنور (٣).


(١) سأتكلم بالتفصيل عن هذه النسخة نظرًا لأهميتها وتفرع كثير من نسخ بلاد المغرب عنها فشهرتها في بلاد المغرب شهرة نسخة اليُونِينِيّ عند المشارقة.
(٢) كما ذكر الكتاني في كتابه «فهرس الفهارس» ٢/ ٧٠٥.
(٣) وقد طبع في مدريد سنة ١٨٨٥ م، وقد اعتمدت فيه على طبعة دار الكتاب العربي بالقاهرة، المطبوعة سنة ١٣٨٧ هـ / ١٩٦٨ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>