لقد أَلَّفَ الإمام البخاري رحمه الله تعالى «الصحيح»، وكان غرضه من هذا التأليف أمرين أساسين:
أحدهما: تجريد مجموعة من الأحاديث الصحيحة؛ حتى يسهل على الناس الرجوع إليها، والاطمئنان إلى صحتها.
الآخر: استنباط الأحكام الفقهية والنكات الحديثية من هذه الأحاديث.
ولذلك قَسَّمَ كتابه هذا إلى كتب، ثم إلى أبواب وضمن هذه الأبواب تراجم من عنده، وبعض الآيات القرآنية، وبعض الأحاديث المعلقة، وأقوال الصحابة، وفتاوى التابعين، وكلام بعض الأئمة.
ومن الملاحظ أن كتب «الصحيح» متنوعة فهي تشتمل على العقائد والعبادات والمعاملات والحدود وغير ذلك من الأحكام الفقهية، كما تشتمل أيضًا المناقب والتفسير وبدء الخلق والملاحم والفتن وغير ذلك.
وعناية الإمام البخاري رحمه الله تعالى بالأحكام الفقهية تظهر بوضوح في انتقائه تراجم الأبواب حيث كان يضعها بمثابة الحكم الفقهي من الحديث أو مجموعة الأحاديث الواردة تحت الباب.
ومن مظاهر اهتمامه بهذه التراجم أنه وضعها في المسجد الحرام، وبين قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنبره فهي روضة من رياض الجنة.
وكذلك ترتيب الكتاب في العموم لا يقتصر على الأحاديث المسندة فقط، وإنما يشتمل أيضًا على معلقات وأقوال عن بعض الصحابة والتابعين، وبعض الزيادات التوضيحية من عند البخاري مما يتعلق بالإسناد أو بالمتن.
والاختلافات التي حدثت بين الرواة كثيرة جدًّا؛ وذلك لأسباب ذكرتها في موضعها، وهي على كثرتها يمكن وضع صور لهذه الاختلافات، كما يمكن