حال اختلاف الروايتين، لمظنة رجحان ضبط البالغ على ضبط الصبي.
وربما تطرقت تهمة إلى الراوي إذا روى عن شيخ لا يحتمله سنه ولُقِيّه. ومما يتعلق بسن الرواية قدم التحمل.
وقدم التحمل من أسباب التفاوت بين الرواة، فيكون ما رواه قدماء الرواة عن الشيخ، أرجح مما رواه المتأخرون من أصحابه، لأن القدماء أقرب عهدًا بسماع الشيخ أو تحمله عن شيخه، فيكون أضبط له.
ولهذا عَدَّ المحدثون من أنواع العلو، العلو المستفاد من تقدم السماع، والعلو المستفاد من تقدم وفاة الراوي.
ولهذا صلة بنوع السابق واللاحق حيث يشترك في الرواية عن الشيخ متقدمٌ ومتأخرٌ، تباين وقت وفاتيهما تباينًا شديدًا (١).
ومما لا بد من ملاحظته أن قِدَم التحمل أو السماع مقدمٌ في الطبقة التي تلي طبقة أصل الحديث، بمعنى أن المتأخر الذي روى عن الرسول في آخر حياته أولى من المتقدم، ولذلك فإذا اعُتبر أن البخاري هو مدار الإسناد، وكتابه هو أصل الرواية، أدى ذلك إلى تفضيل رواية المتأخر على المتقدم، فلا شك أن من تأخر سماعه من البخاري كان أفضل ممن تقدم لدلالة ذلك على اكتمال صورة «الصحيح» عند البخاري في آخر أمره. هذا بالنسبة للشيخ.
أما بالنسبة للراوي فلا شك أن من تقدم سماعه في صغر سنه أولى ممن سمع في حال كبره، ما دام التحمل كان بعد بلوغ سن التميز.
وتميزت لذلك رواية الفربري التي سمعها من البخاري ما بين سنوات (٢٤٨ - ٢٥٥) هـ في حين كانت وفاة البخاري سنة (٢٥٦) هـ