للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما شراح الحديث عند البُخارِيّ فقد شرح كل منهم الحديث، ووجه الزيادة على مقتضى روايته لـ (الصحيح»، وأول من تعرض لهذه الزيادة من الشراح - فيما أعلم - هو المهلب بن أبي صفرة (٤٣٥) في كتابه «النصيح» فقد نقل ابن بطال في شرحه عنه أنه قال في قوله: «يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار»، قال: إنما يصح ذلك في الخوارج الذين بعث إليهم علي عمارًا ليدعوهم إلى الجماعة، وليس يصح في أحد من الصحابة .. إلخ. (١) اهـ.

وعلق على ذلك ابن حجر في «الفتح» بعد أن نقل قول ابن بطال والمهلب: وتابعه على هذا الكلام جماعة من الشراح، وفيه نظر من أوجه:

أحدها: أن الخوارج إنما خرجوا على علي بعد قتل عمار، بلا خلاف بين أهل العلم بذلك، فإن ابتداء أمر الخوارج كان عقب التحكيم، وكان التحكيم عقب انتهاء القتال بصفين، وكان قتل عمار قبل ذلك قطعًا، فكيف يبعثه إليهم بعد موته؟!

ثانيها: أن الذين بعث إليهم علي عمارًا إنما هم أهل الكوفة، بعثه يستنفرهم على قتال عائشة ومن معها قبل وقعة الجمل، وكان فيهم من الصحابة جماعة كمن كان مع معاوية وأفضل، وسيأتي التصريح بذلك عند المصنف في كتاب الفتن، فما فر منه المهلب وقع في مثله مع زيادة إطلاق عليهم تسمية الخوارج وحاشاهم من ذلك.

ثالثها: أنه شرح على ظاهر ما وقع في هذه الرِّواية الناقصة، ويمكن حمله على أن المراد بالذين يدعونه إلى النار كفار قريش، كما صرح بذلك


(١) ٢/ ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>