للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك لنكتة خفية، وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدل على أنها في هذه الرِّواية مدرجة، والرِّواية التي بينت ذلك ليست على شرط البُخارِيّ، وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند، عن أبى نضرة، عن أبي سعيد .. فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة، وفيه: فقال أبو سعيد: فحدثني أصحابي، ولم أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية» (١). ا. هـ

وابن سمية: هو عمار وسمية أمه، وهذا الإسناد على شرط مسلم، وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك، ففي مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: وحدثني من هو خير مني أبو قتادة .. فذكره فاقتصر البُخارِيّ على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي - صلى الله عليه وسلم - دون غيره.

وهذا دال على دقة فهمه، وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث. (٢) اهـ.

ونخلص مما سبق في جملة «تقتله الفئة الباغية» إلى: أن الصواب - فيما أرى - عدم ثبوتها في رِواية أبي سعيد الخدري عند البخاري، كما جاء في نسخة أبي ذر عن شيوخه الثلاثة، ورِواية الأصيلي، ولذلك جُلُّ الشراح على عدم ثبوتها، وكما جاء أيضًا في كتب الأطراف والمستخرجات كما سبق بيانه، وكما وجهه ابن حجر وانتهى إلى إدراجها ممن ثبتت عندهم من رواة «الصحيح»، وأن البُخارِيّ حذفها عمدًا، لعدم ثبوتها عنده من رِواية أبي سعيد.

ومن أثبت هذه الجملة إنما ذكرها لثبوتها؛ فكثير من الطرق للحديث عند غير البخاري كما سبق حكايته عن ابن الأثير في رواية أبي الوقت.


(١) سبق تخريجها قريبًا.
(٢) «فتح الباري» ١/ ٥٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>