من المشايخ والأصحاب كان منهم القاضي عِياض رحمه الله تعالى.
واستوطن بعد ذلك مدينة مرسية وسمع منه جمهور كبير من الناس إذ ذاك؛ منهم من كان من عداد مشايخه الذين أخذ عنهم، وذلك لتمكنه في الحديث والرجال بعد رحلته المشرقية.
وقد وُلِّيَ القضاء في مدينة مرسية سنة خمس وخمسمائة أيام حكم أمير المؤمنين علي بن يوسف بن تاشفين، فحُمدت سيرته إلى أن استعفى فلم يُعفَ.
وهنا اختفى عن الأنظار عددًا من الشهور إلى أن قُبِل طلبُه بمساعدة عبد الله اللخمي سنة ثمان وخمسمائة، وطلب بعد ذلك لقضاء إشبيلية وامتنع، ولم يخرج إليها حتى عُوفي.
ومن الجدير بالذكر أن أبا علي الصَّدفي كان يتمتع بمكانة كبيرة لدى دولة المرابطين، وقد كان شيخًا لأبي إسحاق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين، وقد كان واليًا على مرسية من قبل أخيه أبي الحسن علي بن يوسف أمير المغرب (١).
وقد خرج رحمه الله تعالى للغزو سنة أربع عشرة وخمسمائة مع الأمير أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين، وحضر يوم قُتُندَة بالثغر الأعلى يوم الخميس لست بقين في ربيع الآخر في تلك السنة، فكان فيمن فُقد رحمه الله تعالى، وختم له بالشهادة، وكان يومئذٍ ابن الستين.
ولقد كان القاضي أبو علي علما من أعلام المعرفة في زمانه، وفضله على الثقافة العربية في بلاد الأندلس والديار المغربية أمر لا يقبل المناقشة، حتى إنك تجد أن جل الأعلام الذين تخرجوا بعده من بلاد الأندلس كان