ولقد عثر المتأخرون بطرابلس الغرب عام ١٢١١ هـ على أصل عظيم من «الصحيح» بخط الحافظ الصَّدفي وقد أسهبوا في وصفه ونعته، وها أنا ذا أنقل النصوص التي وردت فيما يتعلق بذلك، ثم اتبعه بتعليق إن شاء الله تعالى.
منها ما جاء عن الحافظ العلامة أبي عبد الله محمد بن عبد السلام الناصري الدرعي المتوفى سنة ١٢٣٩ هـ، بمناسبة رحلته الثانية عام ١٢١١ هـ إلى البقاع المقدسة المسماة الرحلة الصغرى، واجتماعه في ليبيا بالعلامة الشيخ أحمد بو طبل قال ما نصه: "ومن الكنوز التي وقفت عليها بيد أبي الطبل المذكور نسخة من صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البُخارِيّ في مجلد بخط الحافظ أبي علي الصَّدفي شيخ القاضي عِياض، قال: إنه اشتراها بثمن بخس - في عدة كتب بمدينة إسطنبول - وراودته على بيعها عازمًا على إعطائه مائة دينار ذهبا فيها، فامتنع، ويأبى الله إلا ما أراد، وما هي إلا مضيعة بهذه البلدة، وقد كانت تداولتها الأيدي بالأندلس ومصر في سالف القرون، وعليها من سماعات العلماء - عِياض ممن دونه إلى الحافظ ابن حجر - العجب، وكتب عليها الحافظ السخاوي ما نصه: هي الأصل الذي يعتمد عليه ويرجع عند الاختلاف إليه.
ولقد اعتمد عليها شيخنا الحافظ أبو الفضل بن حجر حالة شرحه لـ «الجامع» الذي سماه «فتح الباري»(١).
وعليها أيضا ما نصه: لكاتبه ابن العطار في الشيخ الإمام الحافظ أبي علي حسين بن محمد بن عيسى الصَّدفي كاتب هذا البُخارِيّ، وهو شيخ القاضي عِياض صاحب كتاب «الشفاء» رضي الله عنهم: