عن أن تبنى عليها الأحكام، فهو يرى أنه لابد من التوسع في الرِّواية والقراءة المقيدة على أربابها.
هذا المنهج الفريد الذي سار عليه القاضي عِياض جعله يرحل من مسقط رأسه - بعد أن استوعب ما فيها - إلى الأندلس، وذلك في سنة ٥٠٧ هـ؛ أي بعد حوالي ثلاثين عاما من ولادته، فوصل إلى قرطبة بغية تصحيح المتون التي تلقاها.
وأول ما تحمل القاضي عِياض من العلم إجازة مجردة من الحافظ أبي علي الغساني، وكان يمكنه السماع منه فقد لحق من حياته اثنين وعشرين عاما، ومن شيوخه من أهل المغرب القاضي أبو عبد الله عيسى، والخطيب أبو القاسم، والفقيه أبو إسحاق بن الفاسي وغيرهم.
ولما رحل إلى الأندلس سنة ٥٠٧ هـ روى عن القاضي أبي علي الصَّدفي سُكَّرة، ولازمه، وأخذ عن أبي حبر بن العاص، وأبي عتاب، وهشام بن أحمد وعدة.
وتفقه بأبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي، والقاضي محمد بن عبد الله المسيلي وشيوخه من كثرتهم ألف فهرسًا ذكرهم فيه وترجم لهم، وقد بلغ عددهم ثمانية وتسعين شيخًا، والكتاب مطبوع طبعة الدار العربية للكتاب بليبيا سنة ١٣٩٨ هـ / ١٩٧٨ م، بدراسة وتحقيق الدكتور / محمد بن عبد الدايم.
وعاد القاضي عِياض من بلاد الأندلس بعد أن رصد عن كثب مناهج العلماء الأندلسيين في التفكير، ورأى كيف كانوا يتناولون المسائل بالدرس والبحث والتمحيص، فيردون منها ما يردون ويقبلون منها ما يقبلون فعاد إلى بلده آخذًا ما ينبغي له أخذه، وتاركًا ما ينبغي له تركه، عاد وقد أصبح بحرًا لا ساحل له في العلم، عاد وهو طاقةٌ هائلةٌ من التجارب، فأصبح