للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«إنَّ للهِ تسعةً وتسعينَ اسمًا، مائةً إلا واحدًا، من أَحْصَاهَا دخلَ الجنةَ» أي من حَفِظَها وفهمَ معانِيها ومدلولَها، وأثْنَى على اللهِ بها، وسأَلَهُ بها، واعْتَقَدَها دخلَ الجنةَ، والجنةُ لا يدخُلُها إلا المؤمنونَ، فعُلِمَ أنَّ ذلك أعظمُ ينبوعٍ ومادةٍ لحصولِ الإيمانِ وقوتِهِ وثباتِهِ (١).

٣ - تدبر القرآن:

قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر:٢٣]، فهذا دليلٌ على أن تدبرَ القرآنِ العظيمَ يورثُ الخشيةَ والتعظيمَ للهِ سبحانه وتعالى، قال ابنُ القيمِ: «فليسَ شيءٌ أنفعُ للعبدِ في معاشِه ومعادِه، وأقربُ إلى نجاتِه من تدبرِ القرآنِ، وإطالةِ التأملِ فيه، وجمعِ الفكرِ على معانِي آياتِهِ، فإنَّها تُطْلِعُ العبدَ على معالمِ الخيرِ والشرِّ بحذافِيرِها، وعلى طرقَاتِهِمَا وأسبابِهِمَا وغاياتِهِمَا وثمراتِهِمَا، ومآلِ أهلِهِمَا، وتُتِلُّ في يدِهِ (٢) مفاتيحَ كنوزِ السعادةِ والعلومِ النافعةِ، وتُثَبِّتُ قواعدَ الإيمانِ في قلبِه، وتُشَيِّدُ بنيانَه، وتُوَطِّدُ أركانَه، وتُرِيهِ صورةَ الدنيا والآخِرَةَ، والجنةِ والنارِ في قلبِه، وتُحْضِرُه بينَ الأممِ، وتُرِيهِ أيَّامَ اللهِ فيهم، وتبصِّرُه مواقِعَ العِبَرِ، وتُشْهِدُهُ عدلَ اللهِ وفَضْلِهِ، وتُعَرِّفُهُ ذاتَهُ، وأَسْمَاءَهُ وصِفَاتِهُ وأَفْعَالَهُ، وما يحبُّهُ وما يبغضُه، وصراطَه الموصِّلَ إليه، وما لسالِكِيه بعدَ الوصولِ والقدومِ عليه، وقواطعَ الطريقِ وآفاتِها» (٣).


(١) شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة (ص:٣ - ٤).
(٢) تتل في يده: تلقيه.
(٣) مدار السالكين (١/ ٤٥٠).

<<  <   >  >>