للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التفكرُ من طرقِ تعظيمِ اللهِ تعالى

فمن تعظيمِ اللهِ تباركَ وتعالى: التفكرُ في آياتِه وآلائِه وبديعِ صُنْعِه كما قالَ تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:١٩٠ - ١٩١].

قال ابنُ كثير رحمه الله: «ومعنى الآيةِ أن اللهَ تعالى يقولُ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي هذه في ارتفاعِها واتساعِها، وهذه في انخفاضِها وكثافَتِها واتضاعِها، وما فيها من الآياتِ المشاهَدَةِ العظيمةِ من كواكبَ سياراتٍ، وثوابتَ وبحارٍ وجبالٍ وقفارٍ وأشجارٍ ونباتٍ، وزروعٍ وثمارٍ، وحيوانٍ ومعادنَ، ومنافعَ مختلفةِ الألوانِ والروائحِ والطعومِ والخواصِّ، {وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} أي تعاقُبُهما وتقارضُهما الطولَ والقِصَرَ، فتارةً يطولُ هذا ويقصُرُ هذا، ثم يعتدلانِ ثم يأخذُ هذا من هذا فيطولُ الذي كان قصيرًا، ويقصُرُ الذي كانَ طويلًا. وكلُّ ذلك تقديرُ العزيزِ العليمِ، ولهذا قال تعالى: {لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ} أي العقولِ التامةِ الذكيةِ التي تُدركُ الأشياءَ بحقائِقِها على جليَّاتِها، وليسُوا كالصُمِّ البُكْمِ الذين لا يعقلونَ، الذين قال الله فيهم: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ * وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:١٠٥ - ١٠٦]، ثم وصف تعالى أولي الألباب، فقال: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ}. كما ثبت في صحيحِ البخاريِّ عن عمرانَ بن حصينٍ: أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -

<<  <   >  >>