للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معرفةُ جمالِ اللهِ عز وجل (١)

من أعزِّ أنواعِ المعرفةِ: معرفةُ الربِّ سبحانه بالجمالِ، وهي معرفةُ خواصِّ الخلقِ، وكلُّهم عَرَفَهُ بصفةٍ من صفاتِه، وأتمُّهم معرفةً من عَرَفَهُ بكمالِه وجلالِه وجمالِه سبحانه، ليسَ كمثلِه شيءٌ في سائرِ صفاتِه، ولو فَرَضْتَ الخلقُ كلُّهم على أجملِهم صورةً، وكلُّهم على تلكَ الصورةِ، ونَسَبْتَ جمالَهم الظاهرَ والباطنَ إلى جمالِ الربِّ سبحانَه لكانَ أقلَّ من نسبةِ سراجٍ ضعيفٍ إلى قرصِ الشمسِ، ويكفِي في جمالِه أنَّه لو كَشَفَ الحجابَ عن وجْهِه لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُه (٢) ما انتهى إليه بصرُه من خلقِه. ويكفِي في جمالِه أنَّ كلَّ جمالٍ ظاهرٍ وباطنٍ في الدنيا والآخرةِ فمن آثارِ صنعَتِه، فما الظنُّ بمَنْ صدرَ عنه هذا الجمالُ؟!

ويكفِي في جمالِه: أنَّه لَهُ العزَّةُ جميعًا، والقوَّةُ جميعًا، والجودُ كلُّه، والإحسانُ كلُّه، والعلمُ كلُّه، والفضلُ كلُّه، ولِنُورِ وجهِه أَشْرَقَتِ الظلماتُ، كما قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في دعاءِ الطائفِ: «أعوذُ بنورِ وجهِكَ الذي أشرقَتْ لهُ الظلماتُ وصلُحَ عليه أمرُ الدنيا والآخرةِ» (٣).

وقال عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ: ليسَ عندَ ربِّكُم ليلٌ ولا نهارٌ، نورُ السمواتِ والأرضِ من نورِ وجهِه، فهو سبحانَه نورُ السمواتِ والأرضِ، ويومَ القيامةِ إذا جاء لفصلِ القضاءِ تُشْرِقُ الأرضُ بنُوره.


(١) الفوائد (ص:٢٥٨).
(٢) (سُبُحاتُ) وجهِ الله تعالى بضمتين: جلالتُه.
(٣) رواه الطبراني في (الكبير) عن عبد الله بن جعفر. وهو ضعيف. انظر: تخريج فقه السيرة (١٣١).

<<  <   >  >>