للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تعظيم الصحابة والسلف الصالح لله عز وجل]

وقال ابن رجب أيضًا: «وكان خلفاءُ الرسلِ وأتباعُهم من أمراءِ العدلِ وأتباعِهم وقضاتِهم لا يَدْعُونَ إلى تعظيمِ نفوسِهم البتةَ، بل إلى تعظيمِ اللهِ وحدَه، وإفرادِه بالعبوديةِ والإلهيةِ، ومنهم من كان لا يريدُ الولايةَ إلا للاستعانةِ بها على الدعوةِ إلى اللهِ وحدَه.

وكانتِ الرسلُ وأتباعُهم يصبرونَ على الأَذَى في الدعوةِ إلى اللهِ ويتحمَّلُونَ في تنفيذِ أوامرِ اللهِ من الخلقِ غايةَ المشقةِ وهم صابرونَ بل راضونَ بذلك، كما كان عبدُ الملكِ بنُ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ رحمه الله يقولُ لأبيهِ في خلافَتِه: «إذا حُرِصَ على تنفيذِ الحقِّ وإقامةِ العدلِ يا أبتِ لوددتُ أني غَلَتْ بي وبك القدورُ في اللهِ عز وجل».

وقال بعضُ الصالحينَ: وددتُ أنَّ جِسْمِيَ قُرِّضَ بالمقاريضِ، وأن هذا الخلقَ كلَّهم أطاعُوا اللهَ عز وجل» ومعنى هذا أن صاحبَ ذلك القولِ قد يكونُ لَحَظَ نُصْحَ الخلقِ والشفقةَ عليهم من عذابِ اللهِ، وأحبَّ أن يَقِيَهم من عذابِ اللهِ بأذى نفسِه، وقد يكونُ لَحَظَ جلالَ اللهِ وعظمَتِه وما يستحِقُّه من الإجلالِ والإكرامِ والطاعةِ والمحبةِ، فودَّ أنَّ الخلقَ كلَّهم قامُوا بذلك، وإن حَصَلَ لَهُ في نفسِه غايةُ الضَّررِ» (١).

* * *


(١) شرح حديث: «ما ذئبان جائعان ..» (ص: ١٩).

<<  <   >  >>