[٢٣ - الجحود]
خير الدين وانلي
يَغذوكَ لكن أنتَ تشكرُ غيرَهُ ... ويذودُ عنك فتمْدَحُ الأوثانا؟!
أَوَ هَكَذا ردُّ الجميلِ لأهْلهِ ... أَوَ هكذا تَسْتَقْبِلُ الإحْسَانا؟!
يا من جحدتَ لذي الصَّنيعِ صنيعَهُ ... أَوَ مَا تهابُ السُّخْطَ والنيرانا؟!
أتخاصمُ الجبَّارَ في عَلْيَائِه؟! ... يا من بَراكَ من الثرى إنسانا
من نُطفةٍ سوّاك ربي مبصرًا ... تتبيَّنُ الأشكالَ والأَلْوَانا
بل سخَّر السَّبعَ الطباقَ لخدمةٍ ... والأرضَ والأنهارَ والخلْجَانا
والفُلكَ تجري والرياحَ لواقحًا ... والماءَ يُحْيِي الزرعَ والأَفْنَانا
والرعدُ في كبدِ السَّماءِ مُسَبِّحًا ... والثلجَ يهطِلُ يرفِدُ الغُدْرَانا
والطيرُ يبسُطُ جنحَه كسفينةٍ ... فوقَ الرياحِ يسبِّحُ الرحْمَانا
في كلِّ شيءٍ للمُهيمنِ آيةٌ ... تدعُ الجَحُودَ بأمرِه حَيْرَانا
يا من جَحَدْتَ ألم تفكِّرْ لحظةً ... في ذا الوجودِ وتنظرِ الأكوانا
في قلبِكَ الخفَّاقِ أكبرُ آيةٍ ... إن لم تجدْ مِنْ حَوْلِك البُرهانا
السمعُ والأبصارُ خلقٌ مُعْجِزٌ ... يتحديانِ الجَحْدَ والنُّكْرَانا
والسيرُ منتصبًا دليلٌ واضحٌ ... أن المسيِّرَ ميَّز الإِنْسانا
والنطقُ آيةُ قدرةٍ جبارةٍ ... والمخُّ يحفظُ كلَّ ما قد كانا
واللمسُ للأشياءِ والشمُّ الذي ... لا يُخطيءِ الأرياحَ والرَّيحانا