للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتطاولَتْ شممُ الجبالِ ونافرتْ ... قِمَم التلالِ فلم تُكُنْ أبدًا كما

والمؤمنُ اطلعَ الوجودَ مسلَّمًا ... أهلًا بمن حازَ الجمالَ مسلّما

فجثَتْ لطلعَتِه الجبالُ وأذعنتْ ... إذ كان منها في الحقيقةِ أعظَما

وقد اشْرَأَبتْ كلُّ كائنةٍ له ... فكأنه مَلِكٌ يسيرُ مُعَلِّما

ورأى الحياةَ بنظرةٍ قدسيةٍ ... وبها إلى عزّ المهيمنِ قد سمَا

كشفَ الحجابَ عن الغيوبِ فَأَشْرَقَتْ ... سبلُ الهدايةِ قبلَه فتقدَّما

عرفَ الحقيقةَ فاسْتَنَار بنورِها ... وتراهُ في عُمْقِ التفَكُّرِ مُلَهمًا

في كلّ ماثلةٍ تمرُّ بعينِه ... عِبَرٌ تُعرِّفه الإلهَ الأعْظَما

حَبْلُ الرجاءِ غدا به متمسِّكًا ... أنعِمْ بحَبْلٍ قطُّ لن يَتَصَرَّما

أَتَرَى الجمالَ بغيرِ منظارِ التُّقى ... حسنًا ولو مَلَكَتْ يداك الأنجُما

أتظنُّ أن الأُنسَ يَسْكُنُ بُرهةً ... قلبًا ولم يكُ في الحقيقةِ مُسْلِما؟!

لا والذي جمعَ الخلائقَ في مِنًى ... وبدا فأعطَى من أحَلَّ وأحْرَما

ما في ربوعِ الكونِ أجملُ منظرٍ ... من مؤمنٍ للسْعِد جدَّ ويمَّمَا

إن متَّ يا جَامِي الحياةِ فإنَّما ... هي نقلةٌ تلقَى حياةً أوسَما

في ظلِّ ربٍّ كنتَ قد وحَّدتَه ... تلقاه في الأخْرَى أبرَّ وأكرَما

بل كيفَ ترحَلُ والحياةُ تقدما ... ما للعوالمِ حَوْلَ قبرِك جُثَّما

فاسَعْد فقد ظَفَرَتْ يداك بصَفْقةٍ ... واهنا فإنك بعدُ لن تَتَنَدَّما (١)


(١) عائض القرني، واإسلاماه (ص:١٨ - ٢١).

<<  <   >  >>