لا شكَّ أنَّ من أعظمِ أسبابِ تعظيمِ الله سبحانه وتعالى: تدبُّرُ معانِي أسمائِهِ الحسْنَى وما تدلُّ عليه من صفاتٍ وما توجِبُهُ من آثارٍ عظيمةٍ، ولذلكَ نَبَّهَ اللهُ سبحانه وتعالى على التأمُّلِ والتدبُّرِ في تلكَ الآثارِ فقالَ في صفةِ «الرحمةِ»: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[الروم:٥٠].
فإذا جَهِلَ الإنسانُ معانِيَ تلكَ الأسماءِ الحسْنَى، وجَهِلَ ما تدلُّ عليه من صفاتٍ، كيفَ له أن يَعْرِفَ آثارَ هذهِ الأسماءِ ويَنْتَفِعَ بها فقد قال سبحانه:{قلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}[الإسراء:١١٠]، وقال:{ولِلَّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأعراف:١٨٠].
والدعاءُ هنا يَتَضَمَّنُ نوعينِ:
أولًا: دعاءُ المسألةِ والطلبِ: وذلك بأن تُقَدِّمَ بين يَدَيْ دعائِك من أسماءِ اللهِ ما يكونُ مناسبًا للمطلوبِ، كما قال ابنُ القيمِ: يسألُ في كلِّ مطلوبٍ بما يكونُ مقتضيًا لذلك المطلوبِ، فيكونُ السائلُ متوسِّلًا إليه بذلك الاسمِ، ومن تأمَّلَ أدعيةَ الرسلِ وجدَها مطابقةً لهذا.
ثانيًا: دعاءُ الثناءِ والعبادةِ: وذلكَ بأنْ تُمَجِّدَهُ وتُثْنِيَ عليه بأسمائِهِ الحسْنَى وأن تَتَعَبَّدَ للهِ تعالَى بمقتَضَى هذهِ الأسماءِ.