للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحَمِدَ نفسَه بأنَّه لا يظلِمُ أحدًا، لكمالِ عدلِه وإحسانِه.

وحَمِدَ نفسَه بأنَّه لا تدركُه الأبصارُ، لكمالِ عظمَتِه، يُرى ولا يُدْرَكُ، كما أنه يُعْلَمُ ولا يُحَاطُ به علمًا. فمجرَّدُ نفْيِ الرؤيةِ ليسَ بكمالٍ. لأنَّ العدمَ لا يُرى. فليسَ في كونِ الشيءٍ لا يُرَى كمالٌ ألبتةَ. وإنَّما الكمالُ في كونِه لا يحاطُ به رؤيةً ولا إدراكًا، لعظمَتِه في نفسِه، وتعلِّيهِ عن إدراكِ المخلوقِ له. وكذلكَ حَمِدَ نفسَه بعدمِ الغفلةِ والنسيانِ، لكمالِ علمِه.

فكلُّ سَلْبٍ في القرآنِ حَمِدَ اللهُ به نفْسَه فلمضادَتِه لثبوتِ ضِدِّه، ولتضمُّنِه كمالَ ثبوتِ ضِدِّهِ.

فعلمت أنَّ حقيقةَ الحمدِ تابعةٌ لثبوتِ أوصافِ الكمالِ، وأنَّ نفيَها نفيٌ لحمدِه، ونفيُ الحمدِ مستلزمٌ لثبوتِ ضدِّه (١).

* * *


(١) مدارج السالكين (١/ ٢٦).

<<  <   >  >>