للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو قُدِّرَ جمالُ الربِّ تعالى لكان دونَ سراجٍ ضعيفٍ بالنسبةِ إلى عينِ الشمسِ.

ولو كانَ علمُ الأولينَ، والآخرينَ على رجلٍ منهم، ثم كان كلُّ الخلقِ على تلكَ الصفةِ، ثم نُسبَ إلى علمِ الربِّ تعالى لكانَ ذلك بالنسبةِ إلى علمِ الربِّ كنقرةِ عُصفورٍ في بحرٍ.

وهكذا سائرُ صفاتِهِ، كسمعِه وبصرِه، وسائرِ نعوتِ كمالِه. فإنَّه يسمعُ ضجيجَ الأصواتِ باختلافِ اللغاتِ، على تفننِ الحاجاتِ. فلا يشغَلُه سمعٌ عن سمعٍ. ولا تُغلطُه المسائلُ. ولا يتبرمُ بإلحاحِ الملِحِّينَ.

سواءٌ عندَه من أسرَّ القولَ ومن جهرَ به. فالسِّر عنده علانيةٌ. والغيبُ عنده شهادةٌ.

يرى دبيبَ النملةِ السوداءِ، على الصخرةِ الصماءِ، في الليلةِ الظلماءِ. ويرى نياطَ عروقِها، ومجاري القوتِ في أعضائِها.

يضعُ السماواتِ على إصبعٍ من أصابعِ يدِه، والأرضَ على إصبعٍ، والجبالَ على إصبعٍ، والشجرَ على إصبعٍ، والماءَ على إصبعٍ. ويقبضُ سماواتِه بإحْدَى يديه، والأرضينَ باليدِ الأخرى. فالسماواتُ السبعُ في كفِّه كخردلةٍ في كفِّ العبدِ.

ولو أنَّ الخلقَ كلَّهم من أولِهم إلى آخرِهم قاموا صفًّا واحدًا ما أحاطُوا باللهِ عز وجل. لو كشفَ الحجابَ عن وجهِه لأحرقَتْ سُبحاتُه ما انتهى إليه بصرُه من خلقِه.

<<  <   >  >>