وهو الحيُّ القيومُ الذي لا تأخذُهُ سِنةٌ ولا نومٌ، وهو القائمُ بالقسطِ، القائمُ على كلِّ نفسٍ بما كسَبَتْ، الخالقُ البارئُ المصورُ. {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هود:٦]، ما شاءَ اللهُ لا قوةَ إلا باللهِ، فما شاء اللهُ كان، وما لم يشا لم يكنْ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ، ولا ملجأَ منه إلا إليه.
فهذه المعاني وما أشبهَها من معاني ربوبيتِه ومُلكِه، وخلقِه ورزقِه، وهدايتِه ونصرِه، وإحسانِه وبرِّه، وتدبيرِه وصنعِه، ثمَّ ما يتصلُ بذلك من أنه بكلِّ شيءٍ عليمٌ، وعلى كلِّ شيءٍ قديرٌ، وأنَّه سميعٌ بصيرٌ، لا يشغَلُه سمعٌ عن سمعٍ، ولا تُغلِطُه المسائلُ، ولا يتبرمُ بإلحاحِ المُلحِّينَ، يُبصرُ دبيبَ النملةِ السوداءِ، في الليلةِ الظلماءِ، على الصخرةِ الصماءِ.
فهذا كلُّه حقٌّ، وهو محضُ توحيدِ الربوبيةِ؛ وهو مع هذا قد أعطى كلَّ شيءٍ خلقَه ثمَّ هَدَى، وأحسنَ كلَّ شيءٍ خَلَقهُ، وبدأَ خلقَ الإنسانِ من طينٍ.
وهذا صنعُ اللهِ، الذي أتقنَ كلَّ شيءٍ، والخيرُ كلُّه بيديْهِ، وهو أرحمُ الراحمينَ، وهو أرحمُ بعبادِهِ من الوالدةِ بولدِهَا، كما أقسمَ على ذلك النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ:«واللهِ للهُ أرحمُ بعبادِه من هذه الوالدةِ بولَدِها»(١) إلى نحوِ هذه المعاني،