للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسبحانه من ربٍّ لا يُضَاهَى، ومنانٍ لا يُحصَى كرمُهُ ولا يتناهى، ونحن في تيارِ بحرِ جودِه سابحونَ، وعن إقامةِ مراسمِ شُكْرِهِ قاصرونَ. وما أحسنَ قولَ بعضِ العارفينَ: أنه تعالى يملكُ عبادًا غيرَك، وأنت ليس لك ربٌّ سواه ثم إنك تتساهلُ في خدمَتِهِ، والقيامِ بوظائفِ طاعتِهِ، كأنَّ لك ربًّا بل أربابًا غيرَه، وهو سبحانه يعتني بتربيتِك حتى كأنه لا عبدَ له سواك، فسبحانَه ما أتمَّ تربيتَه، وأعظمَ رحمتَه (١).

إليك إلهَ الخلقِ أرفعُ رغبتي ... وإن كنتُ ياذا المنِّ والجودِ مجرمًا

ولما قَسَا قلبي وَضَاقَتْ مذَاهبي ... جعلتُ الرَّجا مِني لعفوكَ سُلَّمًا

تعاظَمَنِي ذنبي فلما قرنتُه ... بعفْوِكَ ربِّي كان عفوُكَ أعظَمَا

وما زلتَ ذا عفوٍ عن الذنبِ لم تَزَلْ ... تجُودُ وتعفُو مِنَّةً وتكرُّما

ولولاكَ لم يصمدْ بإبليسَ عابدٌ ... فكيفَ وقد أغْوَى صفيَّكَ آدمَا

فيا ليتَ شِعْرِي هل أصيرُ لجنةٍ ... فَأَهْنَا وأما للسعيرِ فأنْدَمَا

وإني لآتِي الذنبَ أعرفُ قدرَه ... وأعلمُ أن اللهَ يعفُو ويرحَمَا

فإن تعفُ عني تعفُ عن متمردٍ ... ظلُومٍ غشُومٍ لا يزايلُ ماثَمًا

وإن تنتقِمْ مني فلستُ بآيسٍ ... ولو أُدْخِلَتْ نفسي بجُرمي جهنَّمَا

* * *


(١) (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) لأبي الفضل محمود الألوسي.

<<  <   >  >>