بذلكَ نسبَهُ إلى ما لا يليقُ به وإلى ما يتنزَّهُ عنه، وأنَّ ذلكَ حُكْمٌ سيِّئٌ ممن حكمَ به عليه، وأنَّ من نسَبَه إلى ذلكَ فما قدَرَهُ حقَّ قَدْرِه، ولا عظَّمَهُ حقَّ تعظِيمِه، كما قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ} [الأنعام:٩١]، وقال تعالى في حقِّ مُنْكِرِي المعادِ والثوابِ والعقابِ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر:٦٧]، وقالَ في حقِّ من جَوَّزَ عليهِ التسويةَ بينَ المختلفَيْنِ، كالأبرارِ والفجارِ، والمؤمنينَ والكفارِ: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية:٢١]، فأخبرَ أنَّ هذا حكمٌ سيَّئٌ لا يليقُ به، تَابَاهُ أسماؤُه وصفاتُه. وقال سبحانه: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ*فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون:١١٥ - ١١٦]، عن هذا الظنِّ والحسبانِ، الذي تَابَاهُ أسماؤُه وصفاتُه.
ونظائرُ هذا في القرآنِ كثيرةٌ. يَنْفِي فيها عن نفسِهِ خلافَ موجبِ أسمائِه وصفاتِه. إذ ذلك مستلزمٌ تعطيلَها عن كمالِها ومقتضياتِها.
فاسمُهُ (الحميدُ، المجيدُ) يمنعُ تركَ الإنسانِ سُدًى مُهملًا معطَّلًا، لا يُؤمرُ ولا يُنهَى. ولا يثابُ ولا يعاقبُ.
وكذلك اسمُه (الحكيمُ) يأبَى ذلكَ. وكذلكَ اسمُه (الملكُ) واسمُه (الحيُّ) يمنعُ أنْ يكونَ معطَّلًا من الفعلِ. بلْ حقيقةُ (الحياةِ) الفعلُ. فكلُّ حيٍّ فعَّالٌ.
وكونُه سبحانَهَ (خالقًا قيومًا) من موجباتِ حياتِه ومقتضياتِها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute