وهذانِ النوعانِ عليهما مدارُ أقضيتِهِ وأقدارِه سبحانه بالنسبةِ إلى ما يحبُّه وما يكرَهُهُ.
والثالثُ: مكروهٌ يفضِي إلى مكروهٍ.
والرابعُ: محبوبٌ يفضِي إلى مكروهٍ.
وهذانِ النوعانِ ممتنعانِ في حقِّه سبحانَه، إذ الغاياتُ المطلوبةُ من قضَائِهِ وقدَرِهِ ـ الذي ما خَلَقَ ما خَلَقَ، ولا قَضَى ما قَضَى إلَّا لأجْلِ حُصُولِها ـ لا تكونُ إلا محبوبةً للربِّ مرضيةً له. والأسبابُ الموصِّلَةُ إليها مُنقسمَةٌ إلى محبوبٍ له ومكروهٍ له.
فالطاعاتُ والتوحيدُ: أسبابٌ محبوبةٌ له، مُوصِلَةٌ إلى الإحسانِ، والثوابِ المحبوبِ له أيضًا.
والشركُ والمعاصي: أسبابٌ مسخوطةٌ له، مُوصِلَةٌ إلى العدلِ المحبوبِ له، وإنْ كانَ الفضلُ أحبَّ إليه من العدلِ. فاجتماعُ العدلِ والفضلِ أحبُّ إليه من انفرادِ أحدِهما عن الآخرِ، لما فيهما من كمالِ المُلكِ والحمدِ، وتنوعِ الثناءِ، وكمالِ القدرةِ.
فإن قيل: كان يمكنُ حصولُ هذا المحبوبِ من غيرِ توسُّطِ المكروهِ.
قيلَ: هذا سؤالٌ باطلٌ، لأنَّ وجودَ الملزومِ بدونِ لازمِه ممتنعٌ. والذي يقدَّرُ في الذهنِ وجودُه شيءٌ آخرَ غيرُ هذا المطلوبِ المحبوبِ للربِّ. وحكمُ الذهنِ عليه بأنه محبوبٌ للربِّ حكمٌ بلا علمِ، بل قد يكونُ مبغوضًا للربِّ تعالى لمنافاتِه حكمتَه، فإذا حَكَمَ الذهنُ عليه بأنه محبوبٌ له. كان نسبةً له إلى