للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَا عِبادِي لو أَنَّ أوَّلكم وآخرَكم وإنسَكُم وجنَّكُم قاموا في صَعيدٍ وَاحدٍ فسألوني فأعطيت كل واحدٍ مسألته ما نقصَ ذلكَ مما عندي إلَّا كما ينقصُ المخيط إذا أُدخِلَ البحر.

يَا عِبادِي إِنَّما هي أعمالُكُم أُحْصِيها لكُم ثُمَّ أوفيكم إيَّاهَا فمن وَجَدَ خيرًا فليحمدِ اللهَ، ومَن وَجَدَ غيرَ ذلكَ فلا يلومنَّ إلَّا نفسه» [رواه مسلم].

قوله: «إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما».

قال ابن دقيق العيد: «قال بعض العلماء: معناه لا ينبغي لي ولا يجوز عليَّ كما قال تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [مريم:٩٢]، فالظلم محال في حق الله تعالى. قال بعضهم في هذا الحديث: لا يسوغ لأحد أن يسأل الله تعالى أن يحكم له على خصمه إلا بالحق بقوله سبحانه: «إني حرمت الظلم على نفسي»، فهو سبحانه لا يظلم عباده فكيف يظن ظان أنه يظلم عباده لغيره؟

وكذلك قال: «فلا تظالموا» المعنى: المظلوم يقتص له من الظالم، وحذفت إحدى التاءين تخفيفًا أصله: فلا تتظالموا.

وقوله: «كُلُّكُم ضَالٌ إلَّا من هديتُه، ... وكلُّكُم عَارٍ إلَّا مَن كسوتُه ... وكلكم جائعٌ إلَّا من أطعمتُه ...».

تنبيه على فقرنا وعجزنا عن جلب منافعنا ودفع مضارنا إلا أن يعيننا الله سبحانه على ذلك، وهو يرجع إلى معنى: لا حول ولا قوة إلا بالله. وليعلم العبد أنه إذا رأى آثار هذه النعمة عليه أن ذلك من عند الله ويتعين عليه شكر الله تعالى وكلما ازداد من ذلك يزيد في الحمد والشكر لله تعالى.

<<  <   >  >>