قال: وهذا غاية الجهل، لأن له اختيارات بناها على الأحاديث بناء لا يعرفه أكثرهم، وربما زاد على كبارهم.
قلتُ: أحسبهم كانوا يظنونه محدثًا وبس، بل يتخيلونه من بابة محدثي زماننا ووالله لقد بلغ في الفقه خاصة رتبة الليث، ومالك والشافعي، وأبي يوسف، وفي الزهد والورع رتبة الفضيل، وإبراهيم بن أدهم وفي الحفظ رتبة شعبة، ويحيى القطان وابن المديني.
ولكن الجاهل لا يعلم رتبة نفسه، فكيف يعرف رتبة غيره؟!!
قال الإمام أحمد عن المسند: هذا الكتاب: جمعته وأنتقيته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفًا فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارجعوا إليه، فإن وجدتموه فيه، وإلا فليس بحجة.
قلت: في الصحيحين أحاديث قليلة، ليست في المسند، لكن قد يقال: لا ترد على قوله. فإن المسلمين ما اختلفوا فيها ثم ما يلزم من هذا القول: أن ما وجد فيه أن يكون حجة ففيه جملة من الأحاديث الضعيفة مما يسوغ نقلُها، ولا يجب الاحتجاج بها، وفيه أحاديث معدودة شبه موضوعة، ولكنها قطرة في بحر، وفي غضون المسند زيادات جمة لعبد الله بن أحمد.
قال الخلال: سمعت عبد الوهاب الوراق، يقول: ما بلغنا أن جمعًا في الجاهلية ولا الإسلام مثله يعني: من شهد جنازة الإمام أحمد، حتى بلغنا أن الموضع مسح وحزر على الصحيح، فإذا هو نحو من ألف ألف، وحزرنا على القبور نحوًا من ستين ألف امرأة، وفتح الناس أبواب المنازل في الشوارع والدروب ينادون من أراد الوضوء.
قال الإمام أحمد: قولوا لأهل البدع: بيننا وبينكم يوم الجنائز.
قال عبد الله بن أحمد: لما حضرت أبي الوفاة، جلست عنده وبيدي الخرقة لأشد بها لحييه، فجعل يَغْرَقُ ثم يفيق، ثم يفتح عينيه، ويقول بيده هكذا لا بعد لا بعد ثلاث مرات فلما كان في الثالثة قلت: يا أبتِ أي شيء هذا