وذهب الجمهور إلى جواز لبس ما خالطه الحرير إذا كان غير الحرير الأغلب وعمدتهم في ذلك ما تقدم في تفسير الحلة السيراء وما انضاف إلى ذلك من الرخصة في العلم في الثوب إذا كان من حرير كما تقدم تقريره في حديث عمر رضي الله عنه.
قال ابن دقيق العيد: وهو قياس في معنى الأصل لكن لا يلزم من جواز ذلك جواز كل مختلط وإنما يجوز منه ما كان مجموع الحرير فيه قدر أربع أصابع لو كانت منفردة بالنسبة لجميع الثوب فيكون المنع من لبس الحرير شاملاً للخالص والمختلط وبعد الاستثناء يقتصر على القدر المستثنى وهو أربع أصابع إذا كانت منفردة ويلتحق بها في المعنى ما إذا كانت مختلطة انتهى.
وهذا الذي قرره ابن دقيق العيد هو الصواب وعليه يدل ظاهر الحديث الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تحريم الحرير سوى أربع أصابع، والله أعلم.
فإن قيل: قد روى الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إنما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الثوب الحرير المصمت فأما الثوب الذي سداه حرير ليس بحرير مصمت فلا نرى به بأسًا.
فالجواب أن هذا الحديث قد عارضه ما هو أقوى منه من حيث الأصل والشواهد وهو الحديث الذي رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة وابن ماجه عن علي رضي الله عنه أنه أهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلة مكفوفة بحرير إما سداها وإما لحمتها فأرسل بها إليّ فأتيته فقلت: يا رسول الله! ما أصنع