قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى: ذم في هذا الحديث من دعا بدعوى الجاهلية وأخبر أن بعض أمر الجاهلية لا يتركه الناس كلهم ذمًا لمن لم يتركه وهذا كله يقتضي أن ما كان من أمر الجاهلية وفعلهم فهو مذموم في دين الإسلام وإلا لم يكن في إضافة هذه المنكرات إلى الجاهلية ذم لها. ومعلوم أن إضافتها إلى الجاهلية خرج مخرج الذم وهذا كقوله تعالى:{ولا تبرجن تبرك الجاهلية الأولى} فإن ذلك ذم للتبرج وذم لحال الجاهلية الأولى وذلك يقتضي المنع من مشابهتهم في الجملة ومنه قوله لأبي ذر رضي الله عنه لما عير رجلاً بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية، فإنه ذم لذلك الخلق ولأخلاق الجاهلية التي لم يجئ بها الإسلام، ومنه قوله تعالى:{إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ}. فإن إضافة الحمية إلى الجاهلية يقتضي ذمها فما كان من أخلاقهم وأفعالهم فهو كذلك. انتهى.
وفي المسند وصحيح ابن حبان من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«ثلاث من عمل أهل الجاهلية لا يتركهن أهل الإسلام: النياحة والاستسقاء بالأنواء وكذا»، قلت لسعيد: وما هو؟ قال: دعوى الجاهلية يا آل فلان يا آل فلان.
وفي الصحيحين والمسند وجامع الترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجر: يا للمهاجرين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما بال دعوى الجاهلية؟» قالوا: