جمعني موسم حج هذه السنة بالأخ الأستاذ صاحب «المسلمون». وكنا في زيارة الأستاذ رشدي ملحس رئيس ديوان جلالة الملك سعود، فجعل يثني على «المسلمون» وصاحبها، ويأخذ عليها أنها لا تُعنى بالأدب عنايتها بالعلم، ولا تجعل من صفحاتها للقلب بعض ما جعلت للعقل. والأستاذ صاحب «المسلمون» من مزاياه أنه لا يسمع اقتراحاً نافعاً إلا أخذ به؛ لذلك أخذ بهذا الاقتراح الرشيد من الأستاذ رشدي، وكلفني «فتح» هذا «الباب».
ولم أدرِ -حين قبلت- أن الشباب ولّى وأن العزم وَنَى، وأن الأيام لم تُبقِ في أعصابي قوة أفتح بها باباً ولا شُبّاكاً (١)، وأني كنت أخدع نفسي وأخدع الناس حين أزعم أني ما أزال اليوم كما كنت من ربع قرن، أيامَ كنت لا أقرأ قصة ولا أتلو شعراً، ولا أشهد خَشْعَة السحَر ولا بهاء الغَداة ولا فتنة الأصيل، ولا أرى الطبيعة حين تَبْسِم بأفواه الزهر أو تضحك بخَرْخَرة السواقي