للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حرفة الأدب]

نشرت سنة ١٩٥٥

هذا هو جوابك يا أخي الأستاذ حسني (١):

هل تعرف من هو الشهيد الحي؟ ومن هو المعذَّب في الأرض؟ ومن هو أحق بالرّثاء والإشفاق؟

ليس السجين المكبَّل بالقيود الذي يقطع الحجارة من جَلْمَد الصخر، ولا الذي يغوص في أعماق اللجَج يبحث عن اللؤلؤ في بطن البحر، ولكنه المسكين الذي قُدِّر عليه أن يستخرج رزقه من أضيق أبواب الرزق: من شق القلم. هو من اتخذ الكتابة حرفة له، فهو يكتب دائماً وأبداً، يكتب وهو خامل كسول، ويكتب وهو مريض موجع، ويكتب وهو حزين مهموم.

إن رأى الناسُ مشهداً من مشاهد الطبيعة فوقفوا يستمتعون به، وقف هو يفكر كيف يصوغ شعوره كلاماً يعرضه على الناس. وإن قرأ الناس قصة أو مرّ بهم نعيم أو مسّهم بؤس، اختزنوا عواطفهم في صدورهم وتجرّعوها أو تعللوا بها على مهل، وراح


(١) أظنه حسني كنعان، أستاذ علي الطنطاوي ثم صديقه من بعد. وله أخبار متفرقة في الذكريات (مجاهد).

<<  <   >  >>