سألني سائل من أساتذة العربية: ما هي الطريقة المُثلى لتعليم التلاميذ النحو؟ لا أريد أن تضع لي منهجاً خيالياً يحلّق في جو السماء حتى ليدهشك تحليقه، ولكن أريد طريقاً واضحاً يسهل تطبيقه ويمكن تحقيقه.
قلت للسائل: إذا رأيت وأنت في مكة رجلاً ضالاً يسألك عن الطريق، أما كنت تدلّه؟ قال: بلى. قلت: كيف تدله وأنت لا تعرف مقصده؟ إن عليك أن تسأله أولاً عن غايته، فإن كان يقصد الحرم دللته على طريق الحرم، وإن كان يريد الطائف أو جدّة أرشدته إلى طريق جدة أو الطائف. فما الغاية من تدريس النحو؟ أليست إقامة اللسان وتجنب اللحن في الكلام، فإن قرأ أو خطب أو حاضر لم يرفع منخفضاً ولم يكسر منتصباً؟ قال: بلى.
قلت: فما الذي يضرّه إذا نصب المنصوب أن يحسبه «تمييزاً» وهو «حال»، ما دام قد صحح المقال؟ نعم، إن ذلك يقدح في علمه ويُنقص من مقداره عند أقرانه، ولكنه لا يَحيد به عن غايته. فالمطلوب إذن تكوين المَلَكة الصحيحة لا حفظ القواعد المجرَّدة. وهل كان العربي الأول الذي أُخِذت اللغة عنه