السبب في أن عنوان هذه السلسلة «بلا عنوان» هو أني وجدت المدرّس إذا التزم الجِدّ الحصةَ كلها ولم ينفّس عن الطلاب بنكتة أو نادرة مَلّوا درسه، وأن المائدة إذا كانت كلها لحماً وشحماً وسمناً لم يكن فيها أبازير ومشهّيات انصرفت النفوس عنها. فأحببت أن تكون هذه السلسلة «بلا عنوان» لأحدّث مرة في الموضوع الأصلي وألتزم طريق الجِدّ، وأقف مرة لأستريح وأريح القراء وأخفف عنهم ثقل الجِدّ بنكتة أو نادرة.
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح ولكن لا يقول إلا حقاً. جاءته امرأة عجوز من الأنصار فقالت له: ادعُ الله أن يدخلني الجنة، فقال لها: إن الجنة لا تدخلها عجوز. فولّت وهي تبكي، فقال لها: أما قرأت قوله تعالى: {إنّا أنْشَانَاهُنَّ إنْشاءً، فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً، عُرُباً أَتْرَاباً}؛ أي أنها تعود في الجنة شابة. وجاءه مرة بدوي يطلب منه أن يحمله على جمله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا أحملك إلا على ولد الناقة»، قال الرجل: إنه لا يطيقني! فقال له الناس: ويحك، وهل الجمل إلا ولد الناقة؟
وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يتمازحون حتى إنهم يتبادحون