[حديث اليوم ليس كالأحاديث الماضيات، لا أتكلم فيه عن عَلَم من أعلام التاريخ ولا عن واقعة من وقائعه، ولكني أسرد فيه أطرافاً من تاريخ الحرمين، وجدتها متفرقة خلال مطالعاتي فجمعتها، يستمتع بها من شاء الاستمتاع، ويجد فيها النفع من أحبّ من السامعين أن يزداد معرفة بتاريخ هذا البلد الكريم.]
إنكم تذهبون كل يوم إلى جدة وتعودون منها، وتركبون منها البحر وتمتطون منها الجو، فهل تعرفون مَن الذي أسّس هذه المدينة ومن جعلها مرفأ مكة؟
كان مرفأ مكة في الجاهلية في مكان قريب من جدة اسمه «الشُّعَيْبة»، فكلم عثمان بن عفان سنة ٢٦ للهجرة أهلَ مكة في تحويله، فوافقوه، فخرج بالناس إلى موضع جدة وعاين المكان، وأمر بتحويل المرفأ إليه. ثم دخل البحر فاغتسل فيه، وقال لمن معه: ادخلوا البحر للاغتسال، ولا يغتسل أحد إلا بمئزر. ثم خرج على طريق عُسْفان إلى المدينة، وترك الناس ساحلَ الشُّعَيْبة من ذلك الزمان.