ذكر ذلك صاحب كتاب «الإعلام بأعلام بيت الله الحرام»(١) نقلاً عن تاريخ الحافظ عمر بن فهد. ويظهر أن مرفأ الشعيبة بقي مستعمَلاً، لأن ساحله عميق تستطيع السفن أن تدنو منه، ليس كساحل جدة الذي تضطر السفن إلى الوقوف بعيدة عنه؛ فقد ذكر المؤرخون أن المهدي لمّا شرع بعمارة الحرم أمر بنقل الأساطين من مصر، فكانت السفن تقف على الشعبية لسهولة نقل الأساطين منها إلى البر.
* * *
يا أيها المستمعون، قلت لكم إن هذا الحديث أخبار التقطتها من زوايا التاريخ، أسردها كيفما جاءت، لا أبتغي فيها الترتيب الزمني ولا التسلسل التاريخي.
من ذلك أن الكعبة كانت تقوم وحدها في الوادي، وكان الناس يبنون بيوتهم في الحِلّ خارج الحرم، يحرّمون على أنفسهم أن يبنوا بيوتهم مع بيت الله، فكانوا يأتون مكة نهاراً، فإذا كان الليل خرجوا إلى بيوتهم في الحِلّ. فلما ولي قُصَي أمرَ الكعبة وأخرج خُزاعة من مكة قال لقُريش: إنكم إن سكنتم الحرم حول البيت هابتكم العرب ولم تستحلّ قتالكم.
قالوا: أنت سيدنا ورأينا تبع لرأيك.
فأذن لهم بالبناء، وبنى هو «دار الندوة» لتكون لهم كالمجلس
(١) لعله «الإعلام بأعلام بلد الله الحرام»، ومؤلفه هو قطب الدين محمد ابن أحمد المكّي المتوفّى سنة ٩٨٨هـ (مجاهد).