أما السرقات الأدبية فقد قلت لكم إنني لا أعرض لها الآن، إلا لواحدة لها صلة بالعلم والعلماء، وهي سرّ لم يُرفَع عنه الستار إلى الآن. ذلك أن عندنا كتابين متماثلين تماماً في موضوع جديد، لم يؤلَّف فيه قبلَهما ولم يؤلَّف فيه بعدهما إلا القليل، هما كتاب «الأحكام السلطانية» للماوَرْديّ وكتاب «الأحكام السلطانية» للقاضي أبي يَعْلَى. والكتابان متشابهان متطابقان لأن أحدهما منسوخ عن الآخر، فمَن هو صاحب الكتاب الأول؟
الماوردي من أفقه فقهاء الشافعية وكان يلقَّب بأقضى القضاة، وأبو يعلى من أفقه فقهاء الحنابلة، وإذا قيل «القاضي» انصرف اللقب إليه. والاختلاف بينهما أن الماوردي حين يسرد الأحكام يسردها على المذهب الشافعي وأبو يعلى على مذهب الإمام أحمد. وكانا في عصر واحد، وبلد واحد، وأظنهما كانا قاضيَين في محكمة واحدة!
فلعل أحد الأساتذة أو الطلاب الذين يُعِدّون رسائل الشهادات العالية يدرس هذا الموضوع ويُثبت بالأدلة مَن منهما المؤلف الأول. أما أنا فأميل إلى أنه الماوردي، لأن للماوردي كتاباً آخر قريباً في أسلوبه ونهجه وطريقته من هذا الكتاب، والله أعلم بالصواب.