للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسالة رفع الانتقاض ودفع الاعتراض على قولهم:

الأَيْمان مَبنيّة على الألفاظ لا على الأغراض

تكلم فيها على الأَيْمان وهل تُبنى على الألفاظ أو على العُرف. فإن اعتبرنا الألفاظ، وغضب رجل فحلف ألاّ يشتري من فلان بقرش ثم اشترى بمئة أو بألف لا يحنث، وإن اعتبرنا غرض الحالف وعُرف الناس يحنث. وشرح صعوبة المسألة، ونقل -على عادته- نُقولاً نفيسة نادرة من كتب المذهب، ونبّه إلى الغلط في بعضها.

وبيّن أن الحالف على شيء لا بد أن يكون له غرض من الحلف، وهذا الغرض إما أن يكون الفعل نفسه (مثل: لا أدخل هذه الدار) وإما أن يكون الفعل مقروناً بشيء آخر (مثل: لا أشتري الشيء الفلاني بعشرة)، فإن غرضه أنه لا يشتري بالعشرة ولا بما فوقها. وإما أن يكون أمراً خارجاً عن الفعل المسمّى ولا يكون المسمى مراداً أصلاً (مثل: لا أضع قدمي في هذه الدار)، فإن غرضه أنه لا يدخل، فلو وضع قدمه ولم يدخل لم يحنث.

وشرح هذه الأحوال ثم قال: "والحاصل أن الأوجه أربعة: إما أن توجد حقيقة الفعل ويفوت الغرض، وإما أن توجد صورة الفعل والغرض، وإما أن يوجد الغرض فقط ويفوت الفعل، وإما أن لا يوجد منهما شيء. والحنث إنما يتحقق في الوجه الأول فقط دون الثلاثة الباقية".

وضرب لذلك أمثلة، ثم استطرد إلى الكلام في الحقيقة والمجاز فجاء بشيء نفيس. وكانت خلاصة بحثه: "إن الذي يُبنى

<<  <   >  >>