للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وساد في علم الرسائل، وقرأ الحديث وجمع وصنَّف، والله يمدّه بتوفيقه، سمع مني وسمعت منه، وله تآليف وكتب وبلاغة".

وقد نقلت هذه العبارة من كتاب «شذرات الذهب». وأدلّ القراء الذين لا يعرفونه عليه لينتفعوا منه (أي «الشذرات»)، فهو تاريخ مفيد، بدأ من السنة الأولى للهجرة وانتهى إلى سنة ألف، يذكر في كل سنة ما كان فيها من الأحداث ومَن مات فيها من الأعلام.

والصفدي هو مؤلف الكتاب الكبير «الوافي بالوَفَيات» الذي يكاد يكون أجمع كتب التراجم (١). ومن مؤلفاته المطبوعة «نَكْت


(١) قال علي الطنطاوي في حاشية على المقالة يوم نشرها في الرسالة سنة ١٩٣٥: "راجعت بعض التراجم في بعض الأجزاء الفوتوغرافية في دار الكتب المصرية العامرة، فوجدته قد جمع فأوعى ولم يَدَع بعده مجالاً لقائل". قلت: ولم يكن الكتاب صدر يومئذ، إنما كان مخطوطاً في خزائن الكتب، ثم وفّق الله إلى تحقيقه ونشره فصدر في ستة عشر مجلداً. وهذا الكتاب هو أوفى كتب التراجم وأجمعها بلا جدال (كما قال جدّي رحمه الله في عبارته هنا)؛ فقد افتتح ابن خَلِّكان التدوين في هذا الباب بكتابه العظيم «وَفَيات الأعيان»، وبلغ فيه أواسط النصف الثاني من القرن السابع (توفي ابن خلكان سنة ٦٨١)، وبلغ عدد التراجم في كتابه نحو ثمانمئة، ثم جاء ابن شاكر الكُتْبي في القرن التالي فتمّم الكتاب بكتابه «فَوَات الوَفَيات»، وفيه نحو ستمئة ترجمة. والغريب أنه والصفدي توفّيا جميعاً في سنة واحدة (٧٦٤)، وكلاهما تابَعَ ابنَ خلّكان في كتابه. ورغم أن «الوافي» كتاب شامل عظيم (ترجم لنحو أربعة عشر ألفاً من الأعلام) إلا أن الحدود الزمانية لحياة مؤلفه تحدّه بأواسط القرن الثامن. ولما كان حجم التراجم في=

<<  <   >  >>