للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب آخرون: إلى أنها لا يجوز لها ذلك (١) "قال أبو حامد الإسفراييني: وهو الصحيح عند أصحابنا: أنه ليس بمحرم لها، ورجح ابن القصار (٢) هذا القول، وأن المراد بقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}: الأطفال من العبيد؛ وهو عندي ضعيف غير راجح ولا معادل، لأن الأطفال قد ذكروا ذِكرًا يخصهم، وهو يشمل الأحرار والعبيد منهم.

وذهب آخرون: إلى أنه أيضًا لا يجوز، وأن الآية إنما أُريد بها الإِماء.

كان سعيد بن المسيب يقول: لا تغرنكم هذه الآية، إنما يُعنى بها الإِماء، ولم يُعْنَ بها العبيد (٣)، يعني قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}، وهذا قول الشافعي وعطاء ومجاهد، والى مثله ذهب ابن عبد الحكم، وذلك أن المكاتب عنده عبد، كما هو عند أصحابه المالكيين؛ فقال: إن المكاتب لا يجوز له أن يرى شعر سيدته وإن كان وَغدًا. وظاهر هذا من مذهبه: أنه لا يجوز لها البدوّ له، لأنه متى كان النظر حرامًا، كان البُدُوّ حرامًا، على ما سنبين بعد إن شاء الله تعالى.

وقول هؤلاء [لا] (٤) يستضعف بما استضعف به الذي قبله؛ لأن النساء قد ذكرت ذكرًا مخصوصًا، وذكرهن يشمل الحرائر والإِماء، فلا معنى للآية على تعسُّف التكرار.


(١) ذهب إلى هذا الرأي ابن مسعود ومجاهد والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيب -رحمهم الله-. انظر: التفسير الكبير، لفخر الدين الرازي: ١٦/ ٣٠٨.
(٢) أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد: القاضي البغدادي المالكي، له كتاب في مسائل الخلاف، وكان أصوليًّا نظارًا فقيهًا قليل الحديث .. . انظر ترجمته في: المدارك: ٤/ ٦٠٣، تحقيق د. أحمد بكير محمود.
(٣) نقله القرطبي في تفسيره "الجامع": ١٣/ ٣٣٤.
(٤) كذا في الأصل، ولعلها زائدة.

<<  <   >  >>