للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٤٢) - مسألة: مكاتبها (١): اختلف فيه، وقد قلنا: عن ابن عبد الحكم: أنه منع أن يرى سيدته، فأظن أن في ضمن ذلك منع أن تبدو له، ولكن لم يكن ذلك منه من أجل أنَّه مكاتب، إنما هو [عبد] (٢)، لأن المكاتب عبد، والعبد عنده لا يجوز لسيدته أن تبدو له بدوَّها لمن ذُكر في الآية، لأن الآيةَ محمولةٌ عنده على الإِماء، فلذلك امتنع في المكاتب، فليس ينبغي أن يعد ابن عبد الحكم مانعًا من البدو للمكاتب، إنما هو مانع من البدو للعبد، والمكاتب عبد.

أما إذا قلنا: إن البدو للعبد جائز (٣)، وان العبيد في جواز بُدُوّ مولاتهم إليهم كسائر من ذكر في الآية: فهل يجوز للمكاتب أم لا؟.

نقول: أما مالك -رَحِمَهُ اللهُ-: إذا حمل الآية على أنها في العبيد، فيجيء على قوله بَيّنًا جواز بدوها لمكاتبها، لأنه بعد عبدها، ما لم يؤدِّ جميع ما عليه فيعتق. وكذا ينبغي أن يكون وأي الشافعي، وكل مَن يقول: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء (٤).

والآية تضمنت العبيد لا الإِماء، ويؤكِّد ذلك لهم من جهة المعنى تحقق حاجتهم في البدولمكاتبهن، لتحققها في البدو لمن ليس بمكاتب من العبيد والمدبرين.


(١) المكاتبة في الشرع: هي أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه منجَّمًا عليه، فإذا أداه فهو حر، وهي مأخوذة من قولهم: كاتب يكاتب كتابًا ومكاتبة.
(٢) ساقطة من الأصل، والسياق يقتضي زيادتها.
(٣) وكانت عائشة ترى جواز دخول العبد على سيدته وبعض أقربائها. انظر: التعليق رقم (١)، ص: ٢٥٩.
(٤) والأصل في هذا: حديث رواه أبو داود: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: "المكاتب عبد ما بقي عليه من مكلاتبته درهم". وروي عنه أيضًا: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيما عبد كاتب على مئة دينار فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد"، وهذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري وأحمد واسحاق وأبي ثور وداود والطبري، وروي ذلك عن ابن عمر وزيد بن ثابت وعائشة وأم سلمة، لم يختلفوا في ذلك - رضي الله عنهم -. انظر: تفسير القرطبي: ٦/ ٢٤٨.

<<  <   >  >>