للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللمحجيزين أن يقولوا: قد تقرر من الأحاديث جواز دخول المخنثين، واحتمل ما جاء بعده من الحكم أن يختص بمن يفطن لمحاسن النساء، أو يظن به ذلك، واحتمل ما قلتم: من رفع الحكم الأول؛ إذ لا يصح المصير إلى النسخ مع الإحتمال.

ويجمع بين الموضعين: بإبقاء الحكم الأول، وتخصيص الثاني، بمن يظن به أو يتحقق منه أنه فطِنٌ مُدلِّس، حتى يتبين خلاف ذلك.

وليس في إخراج الآخرين ما يدل على عموم الحكم في حق الصنف لاحتمال أن يكون حالهما كحال هذا الذي أخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا أيضًا قوله: "لعن الله المخنثين" مما يصح تعميمه، فمَن خُلِق مخنثًا، لا حيلة له في دفع ذلك، ولا هو مدلس به، ولا خادع، وإنما تتوجه اللعنة على المتصنِّعين، فليلس ذلك إذًا بقرينة دالة على تعميم الحكم في جميع الصنف، ولهم أن يعتمدوا فرقًا (قائمًا) (١) قاد إليه مذهبهم؛ من منع الخصيان من الدخول والبدو، وإباحة ذلك للمخنثين، أن يقولوا: إذا نصب الشرع الخِنْث في حقِّ من لم لفضحه قول أو فعل (دليلًا) (٢) على عدم الإرب وعلامة له، وجب امحتباره والإعتماد عليه، ولم يجز منه مثل ذلك في الخصاء، فبقي على: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ...}، وليس مِمَّن ذكر في الآية الخصي، وعديم الإرب مذكور (فيها) (٣). والمخنث قد جعله الشرع عديم الإِرب بحكم الظاهو، ويشهد للفرق بينهما الوجود، فإن مما لا شك فيه أن من المخنثين عديمي الإرب في النساء، مخلوقين كأنهم نساء، ولا نعلم خصيًّا عديم الإرب غير ثابت الشبق، وإن علم


(١) في الأصل: "ما فيما"، والظاهر ما أثبت.
(٢) في الأصل: "دليل"، والصواب ما أثبت.
(٣) في الأصل: "فيهما"، والظاهر ما أثبت.

<<  <   >  >>