للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٤٩) - مسألة: الأحمق والمعتوه: روي عن الحسن، وطاوس، والأوزاعي: أنهم فسروا به غير أولي الإِربة (١). وزعم ابن رشد (٢) أنه مذهب مالك -رَحِمَهُ اللهُ-.

وعندي: أن تفسير: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} بذلك ليس بصحيح، فإنه إن كان الأحمق والمعتوه لا يعقلان: فهما في عدم التكليف كالطفل، وفي متحوك شلهواتهما عندما تتحرك طباعهما كالبالغ الصحيح، إلا أنهما بلا وازع، فلا ينبغي أن تبدو لهم المرأة. فإنها موضع شهوتهما، كالفرس الأنثى مع الفحل. وأما سعيد بن جبير والشعبي ومجاهد وغيرهم، فرأوهم [من لا يفسروا] (٣) أعني: غير أولي الإِربة. وقد قدمنا الآن صحة القول بذلك فيمن له سبب دل على نفسه: كالتخنث والهرم، أما مَن لا سبب فيه ظاهر فها نحن نذكره.

(٥٠) - مسألة: إن فرض من الرجال من لا إرب له وليس به آفة ظاهرة تدل على ذلك إلا أنه يتحقق من نفسه: وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى. وأما في هذا الباب الذي هو: هل يجوز للمرأة أن تبدو له؟ فيضعف


(١) وكذا روى ابن جرير: عن الزهري، وابن عباس، وعن مجاهد: الذي يريد الطعام ولا يريد النساء، انظر: ١٨/ ٩٥ - ٩٦.
(٢) قال في "البيان والتحصيل": وقد اختلف في غير أولي الإربة الذي عناهم الله بقوله: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}؛ فقيل: "هو الأحمق والمَعتوه الذي لا يهتدي لشيء من أمور النساء" ثم قال: "ولما كان الخصي مثله في المعنى استخفَّ مالك في هذه الرواية أن يدخل على المرأة إذا كان عبدًا وغدًا، وان لم يكن لها ولا لزوجها". انظر: ٤/ ٢٨٨.
(٣) في تفسير ابن جرير و"الدر المنثور" عن مجاهد: "غير أولي الإربة": الأبله الذي لا يعرف أمر النساء، وفيهما عن سعيد بن جبير: "غير أولي الإرية من الرجال": هو الشيخ الكبير الذي لا يطيق النساء. وفيهما أيضًا: عن الشعبي: هوَ الذي لم يبلغ إربه أن يطّلع على عورات النساء. وعبارة الأصل غير مقروءة، ولم أجد لها معنى فيما روي عن هؤلاء الثلاثة وغيرهم، إلا أن تكون [فأراهم ممن لا يفسرون الآية بذلك].

<<  <   >  >>