للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيضًا ببدوِّه، ومع ذلك لا يمنع للإِجماع على أنه لا يجب عليه ذلك، وهو معلوم مستقر، والمرأة عورة، وشياعُ الحسن في النساء أغلب، وهي بنظرها تستثير هوى، وببدوِّها للناظرين تستثير أيضًا كذلك هواها، فهي إذ انظرت نظرت فانفعلت، وليس الأمر في الغلام هكذا، فافترقا، وقد بيَّنَّا هذا فيما قبل.

وأما جواز إبداء الوجه والكفين والقدمين، فمن الآية: إذ الذي هو مشترك لجميع مَن ذكر فيها يجوز لها إبداؤه، وذلك: الشعر والعنق، لمن أمرهن معلوم استقراره في كل زمان ومكان، على تزيين بعضهن بعضًا، ومشط بعضهن بعضًا. وهذا لا يرتاب فيه. وقد أسلمت عائشةَ - رضي الله عنه - أُمُّها إلى النساء فمشطنها وصنعنها (١) حين تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال جابر: إني أردت [امراة تقوم] (٢) بمشطهن؛ يعني: أخواته، وقالت أم عطية: مشطن رأسها ثلاثة قرون (٣)، تعني بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - حين ماتت، وأشباه هذا كثيرة.


(١) في صحيح ابن حبان ما يفيد هذا المعنى، روي ابن حبان: من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: "تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين، فقدم المدينة ووكعت [ألم الحمى]، فوفى شعر [أي تربى فكثر] بي جميمة [مجتمع شعر الناصية]، فأتتني أم رومان وأنا على أرجوحة ومعي صواحب لي فصرخت بي، فأتيتها ما أدري ماذا تريد، فأخذت بيدي، وأوقفتني على الباب، فقلت: هه هه شبه المنبهرة، فأدخلتني بيتًا، فإذا نسوة من الأنصار فقلن: على الخير والبركة وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن فغسهلن رأسي وأصلحنني، فلم يرعني [أي: لم يفاجئني] إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحى، فأسلمنني إليه". وفي صحيح مسلم مثله.
(٢) عبارة الأصل غامضة، والظاهر أنها: "إنى أردت امرأة تمشطهن"، وفي صحيح مسلم ما يؤيد هذا المعنى: عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "أتزوجت؟ "، فقلت: نعم، فقال: "أبكرًا أم ثيبًا؟ " فقلت: بل ثيب، فقال: "فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك؟ " فقلت: إن لي أخوات، فأحببت أن أتزوج امرأة تجمعهن وتمشطهن وتقوم عليهن. انظر: ١٠/ ٥٥، استحباب نكاح البكر.
(٣) روى البخاري ومسلم وأصحاب السنن إلا النسائي، واللفظ للبخاري ومسلم، عن أم عطية - رضي الله عنه - قالت: ضفرنا شعر بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -تعني ثلاثة قرون- وفي رواية لمسلم: "مشطناها ثلاثة قرون"، وفي أخرى له: "فضفرنا شعرها ثلاثة قرون".

<<  <   >  >>