للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير صحيح، فإن الآية إنما أباحت وضع ثوب يمكن مع وضعه التبرجُ بالزينة، ممن عندها زينة، لقوله: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} [النور: ٦٠]، وليس الحكم هكذا، فإن الحقو إذا وضع لم يجز (إبداء) (١) ما كان الحقو ساترًا له (لغير) (٢) بعل أو سيد.

وقول ثالث: الثياب المذكورة هي الخمار والجلباب (٣)، رخص لها أن تخرج دونهما وتبدو للرجال، ولكن إذا كانت من الكبر بحيث (تنبو) (٤) عنها الأبصار وتستقذرة هذا قول ربيعة بن [أبي] (٥) عبد الرحمن، وهذا هو الأظهر، فإن الآية إنما رخصت في وضع ثوب إن وضعته ذات زينة أمكن أن تتبرج بعد وضعه بزينتها، ولا يعدُّ تبرجًا إلا ما كان على الأجانب، فهذا أبيح للعجَّز القواعد وضعه، ولكن بأن لا يقصدن تبرُّجًا، وان كنّ غير محسّنات (٦) نيتهن وقصدهنّ فإنه أيضًا لا يصح منهن التبرج بالزينة، لما هن به من الكبر، فقوله: {أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} [النور: ٦٠] إنما


(١) في الأصل: "إبداؤه"، والظاهر ما أثبت.
(٢) في الأصل: "لغيره"، والصواب: "لغير".
(٣) وروى ابن جرير الطبري في تفسيره: أن ابن زياد قال في قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} قال: وضع الخمار، قال: "التي لا ترجو نكاحًا: التي قد بلغت أن لا يكون لها في الرجال حاجة، ولا للرجال فيها حاجة، فإذا بلغن ذلك وضعن الخمار غير متبرجات بزينة. وعن مجاهد: {أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} قال: جلابيبهن". انظر: ١٨/ ١٣٧.
وروي عن ابن عباس - رضي الله عنه -: أنه قرأ: (أن يضعن جلابيبهن)، وعن السدي، عن شيوخه: أن يضعن خمرهن. انظر: تفسير الكبير، للإِمام فخر الدين الرازي: ٣٤/ ٣٣ - ٣٤.
(٤) في الأصل: "تند"، والظاهر: "تنبو" والمعنى: تجافى وتباعد.
(٥) لا توجد في الأصل، والظاهر أنها سقطت منه؛ لأن ربيعة هو ابن أبي عبد الرحمن، ربيعة الرأي. انظر ترجمته في: تذكرة الحفّاظ: ١/ ١٥٧؛ وأشار إلى قوله: القرطبي في تفسيره: ١٣/ ٣٠٩.
(٦) في الأصل: "مستحسنات"؛ والظاهر: "محسنات" كما أثبت.

<<  <   >  >>