للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن من دون أبي أسامة لا يعرف، ومجالد (١) ضعيف. وهو مع ذلك مرسل، ولأنه ليس فيه الإِباحة التي ذهبوا إليها في محل النزاع، وهو ما إذا كان لا يأمن الفتنة، وإن توفَّر الشرط الآخر الذي هو عدم قصد الإلتذاذ ها هنا كان النزاع، وإنما لم يلزم أن يأمره بالتنقب؛ لأن الناس مغيبو السرائر، والأكثر لا يقصد الإلتذاذ بالنظر إليهم، ولكنهم يخافون الإفتتان بهم، فهؤلاء حكمهم جواز النظر بإجماع، والذين لا يقصدون الإلتذاذ بالنظر إليهم، ولكنهم يخافون الإفتتان بهم أَقل، وهذا محلُّ النزاع، والذين يقصدون الإلتذاذ بالنظر إليهم، ويخافون الإفتتان بهم أقل من الجميع، وحكمهم تحريم النظر بإجماع.

فلما كان الناس في الأزمان: المقبلة، والماضية، والحاضرة، منقسمين (هذا) (٢) الانقسام في الناظرين، والحرج لاحِقٌ بالمنع من النظر، أو بالأمر (بالتنقب) (٣)، مع كره الملابسة والمخالطة، والناس كلهم غلمان قبل أن يكونوا رجالًا، نزلت القضية (مبيحة) (٤)، فلم يَأمر بتنقب، ولا منع من نظر، لا سيما في زمانه.

والذين بحضرته أفضل الصنف وخيره - رضي الله عنهم -، فوجب العمل بالمتقرر من وجوب غضِّ البصر عمَّا يجوز النظر إليه.

(نقول) (٥) هذا كله مما للقائلين بالتحريم أن يقولوه لو صح الخبر.


(١) هو: ابن سعيد بن عمير بن ذي مران، الهَمْداني، الكوفي، روى عن: الشعبي وغيره، قال أحمد: ليس بشيء، وقال ابن معين: لا يحتج به، وقال الدارقطني: ضعيف، وفي المعنى: صالح الحديث، وقيل: تغير في آخر عمره. انظر: الكامل: ٦/ ٢٤١٤، ميزان الإعتدال: ٣/ ٤٣٨، المغني: ٢/ ٥٤٢، تقريب التهذيب: ٢/ ٢٢٩.
(٢) في الأصل: "هذار"، والظاهر ما أثبت.
(٣) في الأصل: "بالسف"، والظاهر ما أثبت.
(٤) في الأصل: "ومسحله"، ولعل الصواب ما أثبت.
(٥) في الأصل: "هوا"، ولعل الصواب ما أثبت.

<<  <   >  >>