للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- بالمعارضة بعلة أخرى - بالمنع، ولم يعط ذلك لهما [علة] (١) مستقلة بالمنع دون ضميمة الخوف، من حيث كان مبطلاً لعلتهما.

ويبقى النظر في منعه لهما من النظر إليه، يُحال به على أمرين: القصد والخوف، وهما - رضي الله عنهما - وإن كانتا غير متهمتين باستباحة النظر على الوجه الممنوع، فإنه يظهر من أمرهما أنهما (استحلتا) (٢) النظر إليه لما كان أعمى، والنظر إلى الأعمى (يتجدد) (٣) ويدوم ويتتبع به المحاسن في وجه المنظور إليه الأعمى، ما لا يتَّبع به في وجه المبصرة فإنك إذا كلمت المبصر لم تنظر من وجهه في الأغلب إلا إلى عينيه، وهو كذلك إن نظر إليك حين تكلمه، وإذا كلمت الأعمى تتبعت بنظرك ما شئت من وجهه وبدنه (لا يلقاك) (٤) صادّ، حتى صلح بهذا الاعتبار أن يُقال: "ألستما تبصرانه؟ " ولو كان صحيحاً صلح أن يقال: ألستما تبصرانه؟ وألستما تبصران عينيه؟ ..

وهذا الوجه وإن كان (مستجمعاً) (٥) من سننه بقيده، فإنه يمكن أن يحمل

عليه باعتبار علو منصبهما - رضي الله عنهما -، ومطاليتهما بما خرجت، كما تقرر قبل.

وقد نزع فيه ابن عبد البر منزعاً آخر؛ وهو أن الرجل أمر بحجب امرأته بقدر ما يراه، حتى لربما يمنع منها المرأة، فضلاً عن الأعمى، وأما [أُمّا] (٦) المؤمنين - رضي الله عنهما - ليستا كأحد من النساء، وهذا محتمل لما قال، ومندفع من حيث وجوب المساواة بينهما وبين غيرهما فيما لم يثبت فيه دليل التخصيص، والذي أخرجنا عليه الحديث أعوض.


(١) لعلها سقطت من الأصل، والسياق يقتضي زيادتها.
(٢) في الأصل: "ستهلنا"، وهو تصحيف، والظاهر ما أثبته.
(٣) في الأصل: "يتحد"، وهو تصحيف، والظاهر ما أثبته.
(٤) في الأصل: "لا يلعان"، وهو تصحيف، والصواب ما أثبته.
(٥) في الأصل: "منحعا"، وهو تصحيف، والظاهر ما أثبته.
(٦) ساقطة من الأصل، والسياق يقتضي زيادتها.

<<  <   >  >>