للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١٥٧) - مسألة: نظر الذي يريد أن يتزوج مندوب إليه:

قال بعضهم: جائز، وهو مذهب الشافعي -رَحِمَهُ اللهُ-، وكرهه بعضهم.

قال أبو الوليد بن رشد: إنّ مِن أهل العلم مَن لم يُجز ذلك، وحكاه أبو حامد الإِسفرايني عن (المقبري) (١)، وذكر احتجاجه بالآية (٢) للأمر بالغض.

ومذهب مالك من هذه الأقوال هو الجواز، إذا كان ذلك بإذنها، ينظر إلى وجهها، كما يجوز ذلك في الشهادة لها وعليها.

ومذهب القاضي أبي بكر بن الطيب (٣)، وأبي حامد الإِسفرايني: جواز النظر إلى وجهها، وتكرار ذلك، والتأمل، إلا أن أبا حامد شرط أن يكون قد أجابته إلى التزويج.

والصحيح عندي: هو الندب إلى النظر، لصحة الأحاديث بذلك، منها:

٢٣٨ - حديثا أبي هريرة، قال: كنتُ عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه رجل فأخبره أنه تزوَّج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنظرتَ إليها؟ " قال: لا، قال: "اذهب فانظر إليها، فإنّ في أعين الأنصار شيئًا" ذكره مسلم (٤) -رَحِمَهُ اللهُ-.


(١) كذا في "المختصر"، وفي الأصل: "المفير"، ولعله سعيد بن أبي سعيد المقبري. انظر: تذكرة الحفّاظ: ١/ ١١٦.
(٢) وهو قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: ٣٠].
(٣) اسمه محمد بن الطيب بن محمد القاضي، المعروف بابن الباقلاني، الملقب بشيخ السنة، سبقت الإشارة إليه.
(٤) رواه مسلم، في كتاب النكاح، باب ندب مَن أراد نكاح امرأة إلى أن ينظر إلى وجهها وكفيها، بلفظه: ٩/ ٢٠٩ - ٢١٠؛ ورواه النسائي، وفيه: عن أبي هريرة قال: خطب رجل امرأة من الأنصار فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل نظرت إليها؟ " قال: لا، فأمره أن ينظر إليها. كتاب النكاح، إباحة النظر قبل التزويج: ٦/ ٦٩. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "شيئًا" قيل: المراد عمش، وقيل: صغر، قاله الغزالي في "الإحياء".
وقال الحافظ في (الفتح: ٩/ ١٨١) قلت: الثاني وقع في رواية أبي عوانة في مستخرجه، فهو المعتمد، وهذا الرجل يحتمل أن يكون المغيرة.

<<  <   >  >>