للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانظر -رحمك الله- إلي هذا الإمام الذي كان سلطانًا علي جميع الدنيا، كيف يفعل ما لا يرضى مباشرتَهُ العبيدُ، ومع ذلك يَرى أنه عبدٌ لجميع المسلمين، الصغير والكبير، والقليل والكثير، فهل يدانيه في ذلك أحدٌ حتى يزعم بعضُ من لا يصلح أن يكون عبدًا في زمنه من الفراعنة والجبابرة الظلمة أنه مثلُه، وأعدلُ منه؟

وبه إلي ابنِ الجوزيِّ، أنا عبدُ الوهابِ الأنماطيُّ، أنا المباركُ بنُ عبدِ الجبارِ، ثنا محمّدُ بنُ علي، أنا محمّدُ بنُ عبدِ الله، ثنا الحسينُ بنُ صفوانَ، أنا ابنُ أبي الدنيا، حدثني محمّدُ بنُ الحسين، أنا الفضلُ بنُ دُكَيْنٍ، ثنا هشام بنُ سعدٍ، عن زيدِ بنِ أسلمَ، أخبرني أبي، قال: كنا نَبيت عند عمرَ أنا ويرفأ، قال: فكانت له ساعةٌ من الليل يُصلِّيها، وكان إذا استيقظ، قرأ هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: ١٣٢]. قال: حتى إذا كان ذات ليلة، قام فصلّي، ثم انصرف، ثم قال: قُومَا فصلّيا، فوالله! ما أستطيع أن أصلِّي، وما أستطيع أن أرقد، وإنّي لأفتتح السورة، فما أدري في أولها أنا أو في آخرها، قلنا: ولِمَ يا أمير المؤمنين؟ قال: من همِّي بالناس (١).

وبه إلي ابن الجوزي: أنا المحمّدان؛ ابنُ ناصرٍ وابنُ عبد الباقي، قالا: أنا حمدُ بنُ أحمدَ، أنا أبو نعيمٍ، أنا محمّدُ بنُ إبراهيم، ثنا المفضلُ بنُ محمّدٍ، ثنا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ، قال: قال الفُضَيل بنُ


(١) انظر: "مناقب عمر" لابن الجوزي (ص: ٧٣)، ورواه ابن أبي الدنيا في "التهجد وقيام الليل" (ص: ٣٩٨).

<<  <   >  >>